السبت، 14 نوفمبر 2009

سلفآدور دآلي ..~


ˣ● نشأته وحياته ●ˣ

الاســــــــــــم / سلفادور فيليب خاسنتو دالي
تاريخ الميلاد / 11 مايو 1904
مكان الميلاد / فيغيراس ـ كاتالونيا في أسبانيا
تاريخ الوفاة / 23 يناير 1989 ( 84 عام )
مكان الوفاة / فيغيراس ـ كاتالونيا في أسبانيا
والـــــــــــــده / سلفادور كوزي / محامي وكاتب عدل
والـــــــــــدته / فيلبا دومينش فيرا
سبب الوفــاة / فشل في عمل القلب
المــــــــــهنة / رسام سريالي
عــدد لوحاته / أكثر من 1500 لوحة
الحالة الإجتماعية / متزوج من جالا دالي "إيلينا ديماكونوفا"
اســــم اخــيه / سلفادور
اســــــم اخته / آنا ماري ( الفت كتاب " دالي كما تراه اخته " )

●●●

ˣ● مولدهـ ●ˣ
ولد سلفادور دالي بتاريخ 11 مايو (أيار) من عام 1904 في بلدة فيغيراس الصغيرة التابعة لمقاطعة قشتالة والواقعة على مسافة 30 كيلو متراً من بلدة كاداكيس المطلة على البحر الأبيض المتوسط، والتي استوحى من سمائها الزرقاء الصافية خلفيات معظم لوحاته. وأسوة بالرسام الهولندي الشهير فان جوخ فقد أطلق على سلفادور دالي اسم شقيق له كان قد توفي عام 1901م أي قبل ولادته بثلاث سنوات ، ويقول سلفادرو دالي في ذلك: " لقد كنت بنظر والدي نصف شخص ، أو بديل، وكانت روحي تعتصر ألماً وغضباً من جراء نظرات الليزر التي كانت تثقبني بدون توقف بحثاً عن الآخر الذي كان قد غاب عن الوجود‍‍". كما قال أيضا "كان الوالدان لا يتحدثان سوى عن سلفادور دالي المتوفي فقط وليس عني على الاطلاق وأصبحت كالمجنون من هذا الكابوس ، ومن أن أصبح كجزء من جسد وروح سلفادور المتوفي ، وأضحى الأمر بالنسبة لي كضرورة حياتية في أن أبرهن لكافة الناس بأنني أنا سلفادور دالي الحقيقي ".


•●[ سلفادور دالي طفلا ]●•
ومهما يكن من أمر فقد عاش الصغير سلفادور دالي مرفهّا بين أسرة ثرية ، وكان والداه يوفران له كل مطالبه . ونتيجة لدلاله المبالغ فيه فقد عُرف عنه سلوكه الطائش الذي انعكس على أعمال بعيدة عن المعقول، كدفعه صديقه عن حافة عالية كادت تقتله، أو رفسه رأس شقيقته " آنا ماريا " ، أو تعذيب هرّه حتى الموت، واجداً في أعماله متعة كبيرة، كالتي كان يشعر بها حين يعذب نفسه. ولعل هذه التصرفات التي أوردها الفنان في مذكراته شكلت الشرارة النفسية الأولى للمذهب الفني الذي اختاره للوحاته.

وقد ساهم أحد جيرانه وهو رامون بيشوت في إيلاجه بعالم الرسم، ففي السابعة من عمره رسم أولى لوحاته، واستطاع في مدرسته أن يلفت النظر إلى رسومه التي تنبأت له بمستقبل فنان بارع، ما دفع بعائلته وأساتذته إلى حثه على دخول كلية الفنون الجميلة في سان فيرناندو .
كان دالي ينتظر عطلة الصيف، والإجازات الطويلة لأسرته في كاداكيس ليغتنم الفرصة ويرسم لوحاته الأولى متأثراً بمدرسة الانطباعيين. وإلى جانب الرسم كان سلفادور دالي منذ نعومة أظافره يقرأ كتب سبينوسا، وكنط، كما لاقى الكثير من المديح والإطراء عندما أقام أول معرض للوحاته في بلدة فيغيراس.


●●●

ˣ● بداية دراسته لـ الفنون الجميلة ˣ

بتشجيع من الرسام رامون أرسله والده لتلقي الدروس الفنية لدى أستاذ الرسم السنيور نوينر في فيجو براس . كان نونير أستاذا يوحي بالود ومرحا للغاية فأهتم كثيراً بسلفادور مؤمنا بأن مستقبلاً فنياً زاهراً ينتظره دون شك . حفز سلفادور تشجيع واهتمام الأستاذ بأعماله فقرر دراسة اللوحات الشهيرة لاكتشاف فن من الجاذبية فيها ، وبدأ خلال فتره دراسته بالاهتمام بالمطالعة وبالأخص المؤلفات الفلسفية لنيتشه وفولتار وكآنت الذي قرأ وأعاد قراءة مؤلفاته مرات عده دون أن يتمكن من فهم نظريات هذا الفيلسوف ، قرأ كذلك مؤلفات سبينوزا وصمم على توجيه اهتمامه الكامل إلى أعمال الفيلسوف ديكارت الذي استند على أفكاره في رسم عده لوحات رائعة. شيئا فشيئا بدأت لوحات سلفادور تجذب انتباه النقاد والهواة والفنانين وبدأ يتلقى دعوات لعرض لوحاته في المدن المجاورة لفيجو براس ، أكمل خلال ذلك دراسته في مدرسة الأدب المريميين رغم أن معظم أساتذته في هذه المدرسة كانوا عاجزين عن تعليمه أي شئ.
في عام 1922 رافقه والده وشقيقته آنا ماريا إلى مدريد لدراسة الفنون الجميلة. وقد كتب في مذكراته آنذاك بأنني" قد أكون موضع استهتار، أو تجاهل، أو عدم فهم، ولكنني سأكون عبقرياً، بل وعبقرياً فذّاً‍‍".
كان دخوله إلى أكاديمية الفنون الجميلة يخضع لامتحان قبول هو عبارة عن رسم مستوحى من موضوع كلاسيكي وفق مقاييس وقواعد محدده وواضحة . قرر سلفادور إهمال هذه الضوابط تماما فرسم لوحه أخرى اعتبرتها اللجنة كبيرة جدا . وفي يوم تقديم الامتحان الرسمي قدم رسماً كاملاً فنيا من كافة المقاييس فوافقت اللجنة على قبوله تلميذا في الأكاديمية.

●●●

ˣ● حياته في الأكاديمية ˣ

تصرف سلفادور خلال الأشهر الأولى من التحاقه بأكاديمية الفنون الجميلة كتلميذ نموذجي مبتعداً عن المجتمع المحيط به يأنف الاختلاط بأقرانه من التلاميذ .
في كل أحد كان يذهب إلى متحف برادو حيث كان يمضي ساعات طويلة متسمرا أمام لوحات المشاهير وعندما يعود إلى الأكاديمية يرسم رسوما تكعيبية للمواضيع التي شاهدها في هذه اللوحات. وفي ذلك الوقت تعرف على الفن التكعيبي ولكنه ثار على المفاهيم التي يدعو إليها هذ الفن ويدافع عنها واستبدل ألوان قوس قزح في لوحاته بالألوان الأبيض والأسود والأخضر الزيتوني والبني الداكن فكانت ألوانه حزينه ، كما استبدل البنطلون الطويل ببنطلون قصير واستبدل الجوارب بعصابات للساق ملونه وأكمل هذا الزي بمشلح طويل وبقبعة كبيرة من اللباد الأسود ووضع في فمه غليونا فارغا من التبغ .

وفي بيت الطلبة في مدريد نشأت صداقته مع فيديريكو غارثيا لوركا ، و لويس بانيويل ، وشكّل هذا الثلاثي مجموعة طلائعية وجد فيها دالي تجسيداً لمشاعره وانتقل أثناء ذلك من مرحلة الخوف والخجل إلى مرحلة التمرد والمشاكسة .
تحول الحماس الكبير الذي أظهره سلفادور دالي لدى دخوله إلى الأكاديمية إلى خيبة أمل ، حيث شعر بأن الأكاديمية لن تعلمه أي شيء . فعندما كان يطرح على أساتذته أسئلة تدور حول الفن لم يكن يتلقى سوى أجوبه غامضة.
" كنت آمل أن أجد في هذه الأكاديمية حدودا وصلابة وعلما ولكنهم لم يقدموا لي سوى الحرية والكسل والتقديرات العشوائية "
مع ذلك فقد استمر يتصرف كتلميذ نجيب نظامي نموذجي يحترم أساتذته ولا يفوته أي درس أو محاضره.

في أحد الأيام دخل إلى قاعة النحت في الأكاديمية وبدأ يفرغ محتويات أكياس عديدة من الجص في وعاء كبير ويصب فوق الجص ماء غزيراً . ما لبثت أرضية القاعدة وأن غمرت بطبقة من سائل أبيض جلي القوام بدأ ينساب إلى خارج القاعة من تحت الباب حتى وصل السيل إلى قاعة الدخول وبدل من أن يهتم دالي بالأمر شق طريقة نحو المخرج يلتفت إلى الوراء لمشاهده جمال الطبقة الجصية وهي تجف بسرعة.
لم يغب عن اهتمام بعض طلاب أكاديمية الفنون الجميلة التطور الفني والأدبي الذي كانت تشهدها أوروبا وبالأخص المذهب الرادلي في الفنون والآداب الذي سخر من كل القيم المعترف بها . كان الفنانون والأدباء مثل لوبيل بونويل و غارسيا لوركا و بدرو غارفياس و يوجينو مونتير المحركات المحفزه لمجموعة صغيره من الفنانين الأصوليين بالإضافة إليهم سلفادور دالي الذي ما لبث أن أحتل مركزا مرموقا ضمن هذه المجموعة .
كان أعضاء المجموعة يمدحون بحماس لوحات سلفادور التكعيبية التي حوت أفكاره الغريبة ، بعد ذلك بقليل أصبح طريق سلفادور مفروشا بالورد .
بدأ سلفادور يرتاد المقاهي الفنية ويشترك في النقاشات الفكرية الحامية حول الفن والأدب والنساء والجنس، و استبدل ملابسه الغربية بملابس ثمينة وقمصان من حرير ولون وجهه بالمساحيق وصفف شعره وفق النمط السائد آنذاك.

طرد سلفادور من الأكاديمية ومنع من متابعة الدروس فيها لمدة سنة لأنه أنبري يدافع بحرارة عن أحد أساتذته مما أثار غضب إدارة الأكاديمية فعاد إلى فيجويراس وهناك أُلقي القبض عليه بسبب أفكاره الثورية وظل في السجن لمدة شهر ثم أطلق سراحه بعد عدم عثور المحققين على أدله تثبت اشتراكه في إثارة الرأي العام ضد الحاكم الملكي المستبد في أسبانيا.

بعد انقضاء مدة إبعاده عن الدراسة في الأكاديمية في مدريد عاد إليها ليستعيد فوراً شهرته كثائر غير محترم .
في أحد الأيام طُلب منه رسم لوحه للسيده مريم العذراء فصور عتبتين من السلالم وفسر اللوحة لأحد أساتذته الذين أصيبو بالذهول من غرابة هذه اللوحة بقوله : " إني أرى السيدة العذراء بمثابة عتبتين تؤديان إلى الجنة " . في هذه الفترة اجتازت رسوم سلفادور دالي عدة مراحل اختبارية متناقضة .
درس سلفادور المستقبلية الإيطالية وبالأخص المعاملات المستقبلية في تمثيل أشياء متحركة .و في عام 1924م بدأ يهتم بالمدرسة الميتافيزيقية وبمبادئها التي وضعها كل من جيورجيو شبيريكو وكارلوكارا.
تلك الفترة كان لها أثر كبير في حياة دالي، إذ تعرف على المذاهب الفنية كافة والتقى فنانين عالميين مختلفين منهم الشاعر فيديريكو غارسيا لوركا الذي أنجز معه عملاً مسرحياً كان الأول له، ولويس بونييل الذي اختلف معه بسبب آرائه السياسية التي شهدت انقلاباً غريباً من الفكر الثوري إلى البرجوازية الخاضعة لملذات الحياة .
وفي العام 1926 بدأ سلفادور بصقل موهبته واختيار أسلوبه الخاص لا سيما بعدما تعرف على أب المدرسة التكعيبية بابلو بيكاسو ، ومن ثم بدأ ينظم لقاءات دورية مع رسامين سرياليين آخرين أمثال لويس أراغون و أندريه بريتون . مما ساهم في بلورة أسلوبه وتفوق عليهم جميعاً.

●●●

ˣ● زوجته جالا دالي ˣ

كانت جالا فتاة روسية تدعى "إيلينا ديماكونوفا" , جاءت إلى فرنسا بمفردها عام 1913 وهي لم تتجاوز التاسعة عشرة من عمرها. أقامت في مصح للمعالجة من مرض السل , وبعد أربعة أعوام التقت "بول إيلوار" وتزوجت منه ونذرت نفسها له حتى وقعت في غرام الفنان "ماكس أرنست" مع أن إيلوار كتب لها يقول بأنها ستبقى زوجته إلى الأبد .

عندما ارتبطت حياة دالي بحياة جالا في شهر أغسطس من عام 1929 ظهر تأثيرها الواضح عليه وعلى أعماله الفنية, لأنها كانت حريصة على منع تخيلاته المتطرفة في الحياة والفن من أن تصبح حالة مرضية , وهذا الحرص الدائم كان سببا في الجاذبية المتصاعدة والمستمرة بينهما إلى درجة أن دالي كان يوقع على بعض لوحاته باسمه واسم جالا معا.
وكان يكرر فكرته عن ارتباط اسم جالا بالعبقرية, حين يقول: ( إن كل رسام جيد يريد أن يكون مبدعا, وينجز لوحات رائعة, عليه أولا أن يتزوج زوجتي ).


[ دالي وزوجته جالا]


لم تكن جالا مثقفة, لكنها كانت قوية وذكية, تملك حساسية خاصة لتمييز المستويات المختلفة من الشعر والرسم, فكانت رفيقة للمبدعين, تلتقط إشاراتهم وتحرك أوهامهم وتنصحهم أو تشجعهم بأسلوبها الخاص. وهي تحب المال وهذا ما جعلها تدرك الأساليب المثالية لتسويق أعمال دالي, في الوقت الذي كانت فيه تمثل دور الملهمة الغامضة, حيث كانت صورتها حاضرة في أشكال مختلفة.
إذا فالثورة الحقيقية في مسيرة سلفادور دالي جاءت مع ظهور جالا على مسرح حياته ، حيث شكلت بداية انغماسه في النزعة السريالية وقطيعته مع والده كاتب العدل،وصاحب العقلية الرجعية.
لم يكن والد سلفادور ليسمع له على الإطلاق بأن يخرج ابنه مع تلك " المدام" المتزوجة "العديمة الحياء"، ولذلك فقد تدخل الوالد في القضية وحرم سلفادور دالي من الميراث.
بعد أشهر قليلة فقط جاءت النقطة التي جعلت كيل الوالد يطفح فقد تسببت إحدى لوحاته التي عرضها سلفادور دالي في معرض جيومانس في باريس بتفجير فضيحة كبرى- وهي لوحة القلب المقدس- حيث عرضها إلى جانب أربعة لوحات متميزة في تلك المرحلة منها لوحة "لعبة الحداد" و "المستحلم الأكبر" التي كتب فيها فوق منظر لقلب المسيح عبارة "أبصق على لوحة والدتي ‍‍".

استشاط والد دالي غضباً وطرده من المنزل، وكتب رسالة إلى صديق دالي بونيويل يقول فيها : ليس باستطاعتي أن أسبب له ألماً روحياً لأنه هوى إلى قاع الرذيلة، ولكن أستطيع أن أسبب له ألماً جسدياً لأنه ما زال من لحم ودم ‍‍‍‍‍‍‍‍!

في باريس كتب دالي إلى جانب بونيويل سيناريو فيلم " كلب أندلسي" ذو المشهد الشهير الذي يجري فيه قطع عين بموسى الحلاقة. وفي باريس أيضاً تعرّف دالي على بيكاسو الذي كان موقع إعجابه، كما تعرف عن طريق جوان ميرو على المجموعة السريالية وعلى الشاعر أندريه بريتون الذي كان قد نظم في عام 1924 "البيان الأول" الذي يعتبر بمثابة الرسالة التأسيسية للسريالية.

رفضت فنادق كاداكيس استقبال سلفادور دالا وجالا نتيجة لضغط والده وتهديده لهم مما اضطر دالي إلى بناء عش المحبة في بلدة بورت ليجات مقابل خليج سيروس . كان الحي بلا خدمات إنارة أو مياه. وكان أحد الأحياء النائية والمنعزلة والتي يقطنها عشرات الصيادين البؤساء ، ومع ذلك فقد حوّله دالي إلى مركز ومعقل لعالمه الخاص وأخذ يوسّع داره كلما تحسّن وضعه المادي.

كانت جالا قبل علاقتها بسلفادور دالي مرتبطة بعلاقات غرام مع العديد من الفنانين المشهورين أمثال ماكس إرنست و مان راي.
تحولت مع الوقت إلى مديرة علاقات سلفادور العامة والمسؤولة عن تسويق "منتجات دالي". وبدوره فقد كان دالي يتعلّم كيفية استغلال فضائحه واستفزازاته في مشاريع تجارية مربحة.
يعتقد الكثيرون بأن تأثير جالا قد أنقذ دالي من الجنون، ولكنه حكم عليه في الوقت نفسه بالاستمرار على المسرح بصورة متواصلة، وأثر على روحية وجوهر حياته وفنّه.

●●●

ˣ● رحلته إلى أمريكا ˣ
كان دالي يتحول تدريجياً إلى راية ودليل للسريالية، وبعد حقبة الثلاثينات توجه إلى نيويورك حيث كانت شهرته قد ذاعت وكثر المعجبون بفنه.
ولم يتأخر في اكتشاف عالم الأغنياء والأرستقراطيين في المدينة، ويقول في ذلك: "لقد كانت الشيكات تنهمر كالإسهال!. "
إزاء تلك الشخصية المشاكسة بدون حدود أصيب بريتون بالإتخام وقرّر طرد دالي من المدرسة السريالية بحجة ولعه الشديد بالمال وميوله نحو هتلر، وما لبث أن ألف من حروف اسم دالي كلمة avida Dollars أي جشع الدولارات. غير أن دالي لم يتأخر في الرد حيث قال له: ليس بإمكانك طردي، فالسريالية هي أنا بالذات!

في عام 1932 شارك في أول معرض سريالي في الولايات المتحدة الأميركية، حيث بدأت تتجلى الرمزية في أسلوبه، ونال حينها سيلاً وافياً من المديح والإعجاب من قبل القيمين على المعرض والزائرين على السواء.
وبعد هذه المرحلة الناجحة بدأت على التوالي تظهر لوحاته التي كتبت شهرته، والتي دفعت بفرويد إلى القول: "لم أرَ في حياتي نموذجا لأسباني أعظم كمالا من دالي".
عاش سلفادور دالي في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1940 ولغاية عام 1948. وعاصر أحداث الحرب العالمية الثانية ، وهناك قام بتصميم العديد من الواجهات الشهيرة، ومجموعات الحلي، والملابس، وخشبات المسارح، بل واتفق مع والت ديزني على مشروع فيلم لم ينتقل إطلاقاً إلى حيز التنفيذ.
في عام 1948 عاد الفنان دالي إلى فيغيراس وإلى بيته في بورت إليجات وكانت عودته هذه المرة عودة الابن البار حيث تصالح مع والده.
وانطلاقاً من إعجابه المعلن بالرسامين الكلاسيكيين أمثال فيلاسكيس ورافائيل وفيرمير انطلق نحو ما سماه " الفن الكلاسيكي الديني" ورسم بعدها " مادونا بورت ليجات" وهي عبارة عن عذراء بوجه جالا، ثم مسيح سان خوان دي لا كروس.

●●●

ˣ● مواقف من حياته ˣ

كان وجه دالي ينضج بالنبوغ وأظهر منذ صغره علامات العبقرية المبكرة المنذرة بالسوء ، وله نظرته تشوبها لمسه من الكآبة العميقة التي يتميز بها كل من يتمتع بذكاء لا يمكن الانتصار عليه .
بدأ سلفادور يتلقى دروسه في المدرسة الإبتدائية المحلية ثم أكمل التعليم في معهد الآباء المريميين . لم يسجل في دروسه نجاحات تذكر مما كان يثير غضب والدايه ولكنهما يمتنعان عن تأنيبه لكونه الابن المدلل.
كان يحب أن يخالف ما كان يفعله أقرانه والآخرون وكان يمضي ساعات طويلة في تصميم أعمال منافية للتقاليد المتعارف عليها لكي يدهش زملاءه في المدرسة ، و معظم هذه الأعمال أعمالا شيطانية تقسم بالعفة .

في أحد الأيام عندما كان دالي يتنزه مع أحد أصدقاءه فوق أحد الجسور دفعه على حين غره من على الجسر فهوى صديقه فوق صخره تقع تحت الجسر من علو خمسه أمتار وأكمل طريقه وكأن شيئا لم يحدث وأمضى فتره بعد الظهر جالسا على مقعد هزاز في منزل صديقه يشاهد أوعية الماء الملطخة بالدماء التي كانت والدة الفتى تخرجها من غرفه ابنها .

وفي مره أخرى رفس شقيقته وكان عمرها آنذاك ثلاث سنوات بقدمه على رأسها وسبب له هذا العمل على حد وصفه متعه عظيمة .
في أحد الأيام أعطاه أحد الأصدقاء وطواطا جريحا أخذه وخبأه في مكان مظلم في غرفة في مغسلة للثياب قريبة من منزله وفي الصباح التالي وجد الوطواط على وشك الموت وقد أحاطت به ألوف من النمل ، تأثر جدا بهذا المنظر الكئيب فأخذ الوطواط بين يديه وعضه عضه أودت بحياته ثم رماه جانبا .

يتمتع دالي برمي نفسه من على السلالم بصورة لايمكن تفسيرها ولا يأبه للألم الذي يسببه تدحرجه على السلالم ؛ لأنه كان يجد لذة لا توصف في إيذاء نفسه.
اعتاد على تكرار رمي نفسه أمام أصدقاءه وأقرانه في المدرسة ويتلذذ بمرأى وجوههم وقد اكتساها الخوف والقلق .
دخل في أحد الأيام بنقاش مع أحد اقرانه حول أفضليه الرسم على الموسيقى - وكان صديقه يعزف على الكمان - فانزع سلفادور الكمان من بين يديه وحطمه شر تحطيمه .


دالي مع والدهـ


أستأجر والد سلفادور مغسلة ملابس قديمة ليستعملها ابنه الفنان كمحترف له . اعتاد في الأيام شديدة الحرارة أن يخلع ملابسه ليغطس في حوض مملوء بالماء ويمارس هواية الرسم لساعات طويلة من هنا.
علّق في داخل هذا المحترف وعلى جدرانه الرسوم التي رسمها على أغطية علبه حفظ القبعات التي يجلبها من مخزن خالته ، كما علق أيضا لوحات استنسخها عن لوحات الرسامين المشهورين في عصر النهضة والتي كانت تنشر في المحلات الفنية المتخصصة.
أعجبته حياه الوحدة وكان يجد عذرا ليقنع والده بإبقاءه في مغسلة الثياب ليرسم بدل اعادته للمنزل.
عاش دالي في هذا المحترف المنعزل مع أوهامه المذهلة ، وقال في هذا الصدد في مذكراته [ إذا كنت تقوم بدور العبقري فسوف تصبح عبقري في يوم من الأيام ]
عانا دالي دائما من هذيان الأنانية وحب الذات بصورة مبالغ فيها .
أكتشف والداه موهبته الفنية وقررا ارساله إلى أحد أصدقاء والده في الريف الأسباني لتلقي مبادئ فن الرسم على يديه . كان هذا الصديق ثريا وخبيرا في اللوحات ورساما انطباعيا موهوبا ، وفي الواقع كان أفراد عائلتة فنانين موهوبين أيضا ً.

عاش سلفادور في كنف هذه العائلة في قصرها الريفي " طاحونة البرج" حيث أثرت هذه الاقامة في قصر رامون على الحياة اللاحقه للفنان ، استلهم سلفادور من نمط الحياة هناك مواضيع عدد كبير من لوحات الإثارة الخيالية التي رسمها في حياته .
قال في مذكراته: [عندما كان عمري ثلاث سنوات أردت أن اصبح طاهياً وعندما بلغت السادسة أردت أن أصبح نابليون بونابرت ومنذ ذلك الحين لم يتوقف طموحي عن الازدياد والنمو]
رغم أن تشغيل الطاحونة وأحجار الرحى فيها لم يثر اهتمام سلفادور؛ فقد ترك البوح بالذات تأثيرا كبيرا على خياله الجامح و أصبح البرج مكانا مقدسا له يحتل مركز عالمه . اعتاد على تناول طعامه في غرفة زينت جدرانها برسوم الفنان الانطباعي رامون بيتشو.

كانت هذه الخلائط البصرية لسلفادور الصغير مصدرا لا حدود له بلإنجذاب ولم يمضى وقت طويل حتى بدأ سلفادور يشعر بأنه عليه أن يأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذه الطريقة الجديدة المثيرة . [ كان ذلك أول اتصال لي مع نظرية منافية للتقاليد الأكاديمية وتوريه على النطاق الجمالي] ، خصص له الرسام رامون غرفه واسعة مطلية بالجبس الأبيض ليستخدمها سلفادور كمحترف له ، في هذا المحترف بدأ يستكشف خفايا الضوئية الآنية التي وجدها جذابة للأنظار في لوحاته يدفعه في ذلك إبداع محموم .

في أحد الأيام بعد أن استخدم كل الأقمشة الموجودة لديه في المحترف قرر أن يرسم على باب خشبي قديم نخره السوس - الموضوع الذي كان يقيض مضجعه منذ بعض الوقت - رسم على هذا الباب طبيعة جامدة مع كومه من الكرز ، أصر في هذه اللوحة على استخدام ثلاثة ألوان فقط بعضها على اللوحة مباشرة بعد أن إخراجها من الأنبوب ، جمع كمية محترمة من حبوب الكرز بمثابة موديل وبدأ يرسم على خشب الباب فلاحظ وهو يرسم بأن كل حبة تتكون من ثلاث تدرجات لونية : الأحمر القاني والأحمر الفاتح والأبيض ، أنغمس في رسم حبات الكرز بحيث نسي أن يصور ذيول الحبات[ فجأة خطرت لي فكرة . أخذت قبضة من حبات الكرز وبدأت التهامها . أخذت ذيول الحبات والصقتها على اللوحة في المتوقع المناسب ومن أجل التشديد على واقعية الرسم أخذت ديدان حقيقة في الثقوب المنخورة في الباب]، دهشت الرسام رامون كانت فضيعة بعد أن شاهد الباب وزاد إعجابه بالفن المتميز لسفادور ، مارس خلاله إقامته لدى الرسام دامون .

أحتفظ بعصا للاستناد عليها وهو يسير متشبها بالنبلاء الذين كانوا يسيرون في الحقول وبأيديهم عكازات مزخرفة بالأحجار الكريمة للمباهات . رافقته هذه العصا واستخدمها كموضوع مسيطر في لوحاته في وقت لاحق . صمم عصا لها عده وجوه محفورة في أعلاها ، [ لكي تحملها النساء الجميلات كي يشعرن بجاذبية الشبق المحفور في لحم وجوههن]

بتشجيع من الرسام رامون أرسله والده لتلقي الدروس الفنية لدى أستاذ الرسم السنيور نوينر في فيجو براس . كان نونير استاذا يوحي بالود ومرحا للغاية فأهتم كثيرا بسلفادور مؤمنا بأن مستقبلا فنيا زاهرا ينتظره دون شك .
حفز سلفادور تشجيع واهتمام الأستاذ بأعماله فقرر دراسة اللوحات الشهيرة لاكتشاف فن الجاذبية فيها . وبدأ خلال فتره دراسته بالاهتمام بالمطالعة وبالأخص المؤلفات الفلسفية لنيتشه وفولتار وكانت الذي قرأ وأعاد قراءة مؤلفاته مرات عده دون أن يتمكن من فهم نظريات هذا الفيلسوف قرأ مؤلفات سبينوزا وصمم على توجيه اهتمامه الكامل إلى أعمال الفيلسوف ديكارت الذي استند على أفكاره في رسم عده لوحات رائعة.

في عام 1934م أقيم أول معرض مهم للفنانين السرياليين خارج فرنسا وكان ذلك في الولايات المتحدة ، في نفس العام أقيم معرض للوحات دالي في برشلونه وآخر في بروكسيل . في يونيو عام 1936م أقيم معرض دولي ضخم في لندن نظم لاو لاندبنروز بالتعاون مع جماعات من الفنانين السرياليين الفرنسيين والبلجيكيين عرض فيه لوحات ورسوم وملصقات وتماثيل ومؤلفات أدبية وأعمال من الفن الأفريقي ورسوم أطفال ، عرض دالي في هذا المعرض اثنتي عشرة لوحة .
خلال حفل الافتتاح ظهر دالي مرتديا لباس الغطاسين وعندما سأله أحدهم إلى أي مدى يصل عمق غطسته أجاب بإنها تصل إلى نقطة اللاوعي وأستقطب هذا المعرض اهتمام عامة الناس وهواة جمع اللوحات وبيعت معظم الأشياء التي عرضت فيه.

في عام 1937م رسم دالي لوحة annibal ismedautomne ظهر فيها رجل يقوم بإذابة نفسه وتنتشر المادة المذابة على طاولة صغيرة قريبة ويحمل بيده سكينا وشوكه ليأكل جسده المذاب . تعتبر هذه اللوحة إحدى أروع اللوحات التي رسمها دالي لم يستخدم الأشكال لترجمة رغبات الأنسانية كما اعتاد أن يفعل بل أستخدم لحم الإنسان.

قال عنه فرويد [ لم أرى في حياتي نموذجا لأسباني أعظم كمالا من دالي ياله من متعصب ] . أدعى دالي فيما بعد أن حكم فرويد على الحركة السريالية كان بمثابة حكم بالإعدام عليها . انطلاقا من تلك اللحظة لم يعد يرد موضوع التجارب والاختبار بل أصبح الأمر يتعلق بالتقاليد والولادة من يديه ، أشترى نصير دالي الهاوي إدوار جيمس العديد من لوحاته خلال تلك الفترة ودعاه إلى قضاء بعض الوقت في منزله ضيفا عليه .
أظهر القليل من الفنانين كرها واحتقارا للآلات مثل كره واحتقار دالي الشديد والذي عبر عنه في لوحاته فأظهرها مشوهة بأقصى درجة فالسيارات التي ظهرت في لوحاته كانت في أوضاع لا تساعد أبدا على تشغيلها . رسم في إحدى لوحاته صوره سيارة حبلى للتعبير عن كرهه الشديد للإنتاج بالجملة المتبع في المصانع الكبيرة .
خلال إقامة دالي في إنجلترا ضيفا على إدوار جيمس أكتشف دالي لوحات جماعة من الرسامين سبقوا رافائيل في التعرف على أولى إشارات الهذيان ، تمثلت هذه الإشارات بالمواضيع الأدبية والرمزية المتقدمة المدمجة مع اهتمام شديد بالتفاصيل وهي صفات تتماثل مع المميزات الشخصية لسلفادور.

بين عام 1937 م وعام 1939م قام دالي بثلاث رحلات إلى إيطاليا . وجد روما الكاثوليكية وقد دمرتها التجديدات الحديثة التي أمر موسوليني بها .
كذلك زار إدوار جيمس في مدينة أمالفي وهناك وجد الإيحاء الذي كان يبحث عنه لتحقيق مشروع بالية واغنر.
دفعته أزمة ميونيخ إلى زيارة مونتي كارلو حيث رسم لوحة " لغز هتلر" .
في عام 1939م زار الولايات المتحدة مجددا لتنظيم معرض للوحاته في غاليري جوليان ليفي ، كانت شهرة دالي قد سبقته إلى تلك البلاد بفضل معرضيه السابقين . في رحلته تلك طلب من صاحب أحد المتاجر الكبرى في نيويورك زخرفة وتزيين واجهات المتجر على أن يكون موضوع الديكور " الليل والنهار".

الأساليب الصلفة التي لجأ إليها دالي لتحقيق الشهرة العالمية كتأييده لحكم فوايكو في أسبانيا دفعت الفنانين السرياليين إلى أتخاذ قرار جماعي بإهماله وعدم اعتباره أحد الفنانين السرياليين.
أحدثت احتمالات نشوب الحرب العالمية الثانية هدنة مؤقتة بين دالي ومعارضية . تعمق دالي خلال تلك المدة في دراسته الجمالية واعاد توثيق علاقاته بالتقاليد الفنية الإيطالية .
أثارت النسبة الأطية التي اسماها " أفلاطون " الرقم الذهبي أهتمامة وطبق هذا المبدأ في لوحته حيث تقطع الخطوط القطرية الدقيقة للوحة إلى أربع مثلثات متساوية ، ترك دالي هنا نفسه لتنقاد تماما لتوجيهات ضميره في محاولة للاقتراب من المثالية الأفلاطونية .
تطلب ميله الجديد للكلاسيكية موضوعية أكثر ودراسة لفنون الرسم في عصر النهضة ، فأهتم بقوة بالهندسة والرياضيات وعلم التشريح والمنظورية قدر أهتمامه القديم بالإيحاء من اللاوعي وهكذا بني لوحته aeda .تعني هذه اللوحة لدالي [ التكامل والتركيب ونشأة الكون والإيمان ]كما قال في مذكراته .
في نفس الوقت ، طور دالي إيمانا متزايدا بالمراتب الكهنوتية الكاثوليكية وبالنظم الملكية ، فليس من العجيب إذا عرفنا أنه طلب في أحد الأيام الحصول على موافقة البابا لرسم إحدى لوحاته وأعلن بوضوح أن أماله في المستقبل بالدعوة إلى نهضة دينية جديدة على أساس مبادي كاثوليكية متطورة.






●●●

ˣ●وفاته ˣ

مقابل شواطئ البحر الأبيض المتوسط قضى دالي بقية أيام حياته ، وظل هناك لما بعد وفاة قرينته جالا عام 1982.
وفي عام ۱۹۸۳ رسم سلفادور دالي آخر لوحاته بعنوان "ذنب السنونوة" وكان قد قارب الثمانين عاما .
وفي عام 1984 احترق دالي في غرفته ضمن ظروف مريبة ، ولكنه لم يمت وإنما عاش خمس سنوات تالية ، ثم صدرت عنه لفتة كريمة جداً قبل أن يموت ، فقد أهدى كل ثروته ولوحاته للدولة الأسبانية أي لبلده الأصلي الذي كان قد غادره منذ حوالي السبعين سنة ، وهكذا عاد دالي إلى جذوره.
بعد ذلك أخذ دالي يذوي رويداً رويداً ، وأخذ ذلك الاستفزازي الذي كان يواجه الموت يحتضر تدريجياً حيث كانت أنابيب الاكسجين ترافقه ليل نهار إلى أن ودّع هذا العالم عام 1989 عن عمر يناهز 84 عاماً.

لقد ودعنا جسد دالي تاركاً شارة استفهام ضخمة حول حجم الإرث الذي خلّفه على هامش القائمة الكبيرة من الفضائح التي أصبحت حسب قوله تشكل جزء من التراث الشعبي. ويقول النقاد بأنه ليس بإمكان أحد أن ينكر ملكة الرسم الخارقة التي كان يتمتع بها دالي كما وليس بإمكان أحد أن يتجاهل قيمة لوحاته العظيمة وخصوصاً في مرحلة السريالية الأولية، أما المرحلة التي تحول فيها إلى "رجل أعمال" فيرى الكثيرون بأنها أثرت على طبيعة فنه وعلى نزاهة وعفة أعماله.

وعلى هامش ما قيل وما سيقال فإن ذلك الفنان العظيم ذو النظرة الجنونية العميقة، والشاربين الصلبين المعقوفين، والذي تمكن من إلغاء الحدود بين الروح المشاكسة الهائجة والاستعراضية الفاضحة قد تحوّل دون شك إلى "أسطورة أبدية" ومع كل نظرة إلى لوحاته العظيمة تشعر الروح بأنها اكتسبت جناحين، وتحتفل المخيلة بولادة وانطلاقة جديدة.

●●●

ˣ● الخط الزمني بـ حياته ˣ


1904:
ولد في 11 أيار/ مايو في مدينة فيغراس .ابن كاتب العدل سلفادور دالي كوزي وزوجته فيليبا دومنيك فيريس.
1908:
ولدت شقيقته الوحيدة آنا ماريا . وأدخله والده المدرسة الابتدائية تحت عهدة المعلم استيف ترايتور .
1910:
ادخله والده المدرسة الأسبانية - الفرنسية للتصور الطاهر في فيغراس فتعلم الفرنسية التي أثرت على حصيلته الثقافي.
1916:
بدء دراسته المتوسطة في مدرسة الأخوة ماريست ومدرسة فيغراس للقواعد وبالأضافه حضر الصفوف التي يعطيها جوان نوريز في مدرسة مانيسيبل للرسم في فيغراس.
1919:
نشر أولى مقالاته في مجلة ستوديوم مبتدئاً بيومياته الشخصية ( انطباعاتي الشخصية وذكرياتي الخاصة ) واستمر بنشرها إلى السنة التي تليها .
1920:
أشار عليه والده بأن يدرس بمدرسة الفنون الجميلة إذا أراد أن يصبح رسام ، ووافق والده على ذلك .
1921:
توفيت والدته في فبراير . تزوج والده السنة التي تليها من كاتلينا دومينيك فيريز شقيقة المرأة المتوفاة.
1922:
شارك في مسابقة معرض أعمال الطلاب للفنون الجميلة في اتحاد الطلبة الكاتوليين .
وفاز بجائزة نائب مستشار الجامعة في مدريد.
1923:
طُرِد من أكاديمية دي سان فليرناندو.
1924:
عاد إلى الأكاديمية ليعيد دراسة السنة التي درسها سابقاً قبل أن يطرد .
1925:
شارك في معرض جمعية الفنانين الأيبيريين في مدريد .
1926:
زار باريس لأول مره وقابل بيكاسو هناك وزار متحف اللوفر .
1927:
أدى الخدمه العسكرية في قصر سانت فيران في فيغراسووطد علاقته مع مجلة لي اميك الفانقورديستيه واستمرت علاقتهم حتى سنه 1929.
1928:
نشر بيان مكافحة الفنانين الكاتوليين بالتعاون مع لويس مونتاي وسبيستيا. وشارك في صالون الخريف الثالث في سالا بارس .
1929:
أقام أول معرض فردي له كان في مكتبة الصور في باريس. أيضا هي سنة التفكك العائلي بالنسبة له .
1930:
شارك في ثاني فيلم له بالتعاون مع بانويل وكان ( العصر الذهبي) وعُرض أول مرة في أستوديو 28 في باريس . كذلك نشر كتابه ( المرأة المرئية ).
1931:
أقام أول معرض له في صالة بيار كول في باريس, حيث عرض عمله " تفكك الذاكرة".
شارك في أول معرض للسريالية في الولايات المتحدة . أيضا نشر كتابه " الحب والذكرى".

1932:
شارك في معرض السريالية : رسم ,وتصوير ، نظمته صالة جولين ليفي في نيويورك .
1933:
شارك في معرض جماعي للسريالية في صالة بيار كول. كذلك أقام معرضه الثاني.
1934:
أقام اثنين من معارضه , أحدهمها في صالة جولين ليفي والأخرى في تذكار افري للوادز ورث اثينيوم في هارتفورد " كونيتيكت".
1935:
عاد إلى أوروبا ونشر كتابه " الفتح اللا منطقي"
1936:
أقام ثالث معرض له في صالة جولين ليفي في نيويورك .
1937:
نشر قصيدته " التحول النرجسي "
1938:
قام بزيارة سيجموند فرويد.
1939:
صمم حلم جناح الزُهرة وقدمت في معرض العالم في منطقة متحف نيويورك وعاد إلى أوروبا.
1940:
عاد ليعيش في الولايات المتحدة وظل هناك حتى عام 1948 .
1941:
بدء شغفه بتصميم الحلي ووطد علاقته مع المصور الفوتوغرافي فيليب هولسمان.
1942:
نشر مذكرات " حياة سلفادور دالي السرية " التي أنهاها السنة التي قبلها .
1944:
نشر أول رواية له " الوجوه الخفية "
1945:
ذهب إلى هوليود ليعمل مع ألفريد هيتشكوك على فيلم " سبَلباوند "
1946:
وظفته والت ديزني دالي ليساعد في إنتاج الفيلم ديستينو .
1948:
نشر 50 سر عن السحر . أيضا عاد إلى أسبانيا في هذه السنة .
1950:
كتب مقالات مشهورة في وسائل الأعلام مثل فوقو و هيرلد الأمريكية .
1951:
قدم في باريس بيان الصوفية خاصته وتحدث عن " بيكاسو وأنا " في مدريد.
1952 إلى 1953:
كتب مقالات مختلفة في المنشورات الفرنسية.
1958:
تزوج جالا في هذه السنة .
1960:
صور الفيلم الوثائقي " دمار الخلق "
1961:
بدء مسرح المتحف لدالي .
1963:
نشر كتابه " الأسطورة المأساوية لـ" أنجلوس من جانب ميليت "
1964:
منح جائزة غران كروز دي ايزابيل لوس أنجلوس لا كاتوليكا .أعلى تمييز أسباني .
أيضا نشر " مذاكرات عبقري"
1965:
افتتح دالي معرض سالفادور دالي الأنثولوجي وذلك في صالة الفن الحديث في نيويورك .
1966:
نشر البين ميشيل كتاب دالي " رسالة مفتوحة لـ دالي " و ثلاثة وثلاثين توضيح من الفنان نفسه .
1970:
عقد مؤتمر صحفي في باريس في متحف غوستاف.
1971:
افتتح متحف دالي في كليفلاند أوهايو تحت عنوان مختارات من المواد التي يرجع تاريخها إلى فترات مختلفة .
1972:
أقامت صالات نودلر أول معرض للصور المجسمة التي صممها دالي بالتعاون مع دينيس غابور .
1973:
فنه في الحلي , نشر التعليق على كتبه دالي المقدس " كيف يصبح الِشخص دالي ".
1974:
كتب المقدمة الموسيقية لكتاب لسيجموند فرويد " موسى والتوحيد "
1977:
تكفلت دار دراجر للنشر بنشر كتاب " نبيذ غالا"
1978:
عرض في متحف سولومون غوغنهايم ر. في نيويورك أول لوحه مجسمة .
1982:
إنتقل دالي في قصر بوبول .
1983:
أقام معرض عرض فيه أكثر من 400 من إعماله التي عمل عليها منذ 1914 حتى 1983 في مدريد
1984:
انتقل من القصر إلى توري جالاتيا , في فيغراس وذلك بعد الحريق الذي اشتعل بالقصر وظل هناك حتى وقت وفاته .
1986:
نشر كتاب " العواطف وفقاً لدالي"
1989:
توفى دالي .


●●●

ˣ● دالي والطريق إلى السريالية ˣ


كان دالي يعيش في المدينة الجامعية في مدريد في العام الذي ولدت فيه السريالية مع اثنين من أصدقاءه القادمين من خارج العاصمة وهم: فدريكوجارسيا لوركا, ولويسبونويل. شق الثلاثة طريقهم بالقوة ليصبحوا أهم ثلاثة مبدعين في ثلاثة حقول مختلفه في الثقافة الأسبانية في القرن العشرين .

بدأ لوركا بكتابة الشعر والمسرح, واستمرت تجربته بالصعود والتوهج حتى موتهمقتولا على أيدي القوات الفاشية بقيادة فرانكو عام 1936 في بداية الحربالأهلية الإسبانية.
واتجه بونويل إلى الفن السينمائي ، فانتقل إلى باريس عام 1925, والتقىبالمجموعة السريالية, وعمل في مجال السينما, إلى أن أخرج فيلمه المثيرالأول (كلب أندلسي) ، حيث كتب سيناريو الفيلم بالتعاون مع سلفادرو داليعام 1928.
تبعه بعد ذلك الفيلم الثاني (العصر الذهبي) عام 1930, بالتعاون مع دالي أيضا .
ثم استمرت رحلته الطويلة مع السينما قدم خلالها مجموعة نادرة من روائعالأفلام التي صورها في المنفى في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك على مدى نصف قرن قبل عودته إلى إسبانيا ثم وفاته فيها عام 1982.أما سلفادور دالي فإن نجاحه بدأ بمعرضه الأول في برشلونة عام 1925, ثممعرضه الأول في باريس عام 1927, حيث بيعت كل لوحاته المعروضة, وكان أندريه بروتون قد كتب تقديما لهذا المعرض قال فيه: (إندالي أتحف العالم بكائناتجديدة تماما). ومن هنا دخل دالي إلى المجموعة السريالية من بابها العريض.

يعتمد دالي على الاستخدام الكامل لتقنية الرسم الخادع الذي يعكس وهمالحقيقة, مع ارتباطه بالتحليل النفسي, كما في لوحة (الرجل غير المرئي) 1929, فهي اللوحة الأولى التي يستخدم فيها شكلا مزدوجا, حيث يكون الرجل هوالمرأة, في الوقت نفسه. أما في لوحات (الراقصون) و(الأسد والحصان) و(مولدرغبات سائلة) فإنه اعتمد على (التذكر النفسي) وهو ما يعني لديه (إعادةالتكوين الفوري للرغبة من خلال انكسارها في دائرة الذكريات).

كان الكتاب والشعراء السرياليون يعتمدون على الكتابة الآلية التي وصفها أندريه بروتون في كتابه (السريالية والرسم) بأنها (طريقة تلقائية في المعرفة اللاعقلية, تقوم على إعطاء التداعيات والتفسيرات الهذيانية موضوعية نقديةمنتظمة) ، أما سلفادوردالي فإنه اعتمد على البارانويا النقدية, أوالهذيان النقدي, الذي يفتح الممرات الداخلية المتواصلة بين الحلم والواقع, وهذا هو موضوع كتاب (الأواني المستطرقة) لأندريه بروتون, لكن دالي أعطىخصوصية واضحة لأسلوبه في العمل, بحيث كان يضع حامل اللوحة قرب السرير لكييستطيع أن يرى ما رسمه ويستوحي ما سيرسمه في اللحظات التي تتواصل بيناليقظة والنوم, أو الواقع والحلم, وهذا ما عبر عنه بروتون في كتابه (مطلعالنهار) حين قال: (ربما انفتحت بفضل دالي للمرة الأولى النوافذ الذهنيةعلى مصاريعها).

كتب بروتون وإيلوار معا, في عام 1930 (مفهوم النقاوة) جاء فيه (أن العقليمكن أن يقدم كل صيغة معروفة للجنون على شكل قصيدة), أما دالي فإنه كانيطمح إلى توليد أعمال بصرية من خلال السيطرة على الاضطرابات العقلية, حيثيفكر الرسام ويعمل كأنه تحت تأثير اضطراب نفسي, أو حالة هذيان, ولكنه يظلواعيا لما يحدث حوله.

من أوائل اللوحات التي حملت ملامح سريالية واضحة في أسلوب دالي تلك التيرسمها وهو في الخامسة والعشرين من عمره وأطلق عليها بول إيلوار اسم (الرياضي الكئيب). كان دالي متأثرا بفنون عصر النهضة من خلال زياراتهالمتعددة إلى إيطاليا, وهذا ما توحي به براعته في إتقان الرسم التشريحيالذي يشكل عنصرا واقعيا في لوحاته التي لا تنتمي إلى الواقعية.

وفي الوقت الذي كان فيه مؤسس السريالية أندريه بروتون يدافع في بياناته وتصريحاته عن حقوق الفنانين, ويحثهم على عدم تقديم أي تنازلات لتلبيةرغبات الجمهور, كان دالي من أكثر الفنانين التزاما بالسريالية, ولكنه مالبث أن تمرد وأثار استنكار السرياليين, واتهموه بأنه (عبد للدولار), وفصلوه من عضوية المجموعة عام 1939, غير أنه صرح في لقاء صحفي, قائلا: ( السريالية هي أنا ) .

أضاف دالي إلى السريالية المخيلة المفرطة والتقنيات المرئية التي طورهابجهد شاق وموهبة غير عادية أعطت أعماله نكهة خاصة وبراعة في التهريجوالمغامرة, وتهذيب التخيلات والإصرار العنيد على الابتكار, واستطاع أنيجسد مخاوفه وذعره ورغباته ليكشف القناع الذي يضفيه العقل على الحقيقة.

إن انفصاله الدرامي عن والده كان واضحا في لوحته (العصر القديم لوليم تيل) 1931, أما ولعه بالأطعمة الغريبة فأوحى له برسم جالا وعلى كتفيها شريحتان من اللحم.
ويتذكر
دالي, في كتابه (الحياة السرية لسلفادور دالي) الذي صدرفي عام 1942 بداياته جيدا فيقول: (في السادسة من عمري كنت أريد أن أكون ديكا, وفي السابعة أردت أن أكون نابليون, وكانت طموحاتي تكبر منذ ذلك الحين).

رسم دالي لوحة شهيرة بعنوان (تواصل الذاكرة) عام 1931, يظهر فيها عدد من الساعات التي تشير إلى الوقت, وهي تبدو مرتخية في حالة مائعة, وهو يذكر أن فكرة هذه اللوحة خطرت له عندما كان يأكل قطعة من الجبن. وتعكس غرابة أعمال دالي صورة من غرابة أطواره في حياته اليومية وفي أحاديثه وكتاباته, فهويقول: (يمكن أن أقفز من النافذة إذا رأيت جرادة في الغرفة).

في المعرض السريالي الدولي الأول الذي أقيم في لندن صيف 1936, وصل دالي إلى إحدى القاعات ليلقي محاضرة وهو يقود كلب صيد سلوقيا, ويرتدي بزة غطاس ضيقة, سببت له اختناقا, بينما حضر ماكس أرنست إلى قاعة اللقاءات الصحفية بصحبة امرأة تغطي رأسها باقة كبيرة من الزهور, وهي ترقص.

وفي المعرض السريالي الذي أقيم في باريس عام 1938 عرض دالي في مدخل الصالةمنحوتة (تاكسي المطر) حيث نجد سيارة يتساقط عليها الماء, وتزحف فوقها مجموعة من الحلزونات الحية. رسم دالي لوحات بارعة عن أشعار لوتريامون (أناشيد مالدورر), وهي التي يراها السرياليون جزءا من امتدادات جذورهم المتعددة, لكنه حينما بدأ بتنفيذ سلسلة الرسوم الخاصة بكتاب (دون كيخوته) عام 1958 ابتكر أداة غير مألوفة في الرسم, هي بندقية قصيرة تطلق رشات منالحبر الصيني بدلا من الرصاص .


●●●

ˣ● مدينة فيغيراس وقصر سلفادور دالي ˣ
[ منزل سلفادورفي فيغراس ]

حين يكون المرء على ضفاف المتوسط في الطرف الجنوبي الغربي من فرنسا في المرفأ الفرنسي الصغير " كوليور" وعلى مرمى حجر من إسبانيا فإنه يصعب عليه مقاومة اغراء العبور إلى أسبانيا عبر الطريق الساحلي ثم باتجاه الأراضي الداخلية واصلاً على هذا النحو إلى مدينة صغيرة اسمها فيغيراس، ليس بها للوهلة الأولى ما يبهر الناظر ومع ذلك فإن عدداً لا يستهان به من الزوار يقصدها بشكل دائم.
في الحقيقة تلك هي حال المدن التي تشتهر لأن أحد أبنائها قيض له أن يشتهر. ابن هذه المدينة الذي منحها نعمة هذه الشهرة هو سلفادور دالي أحد أشهر فنانيّ القرن العشرين في عالم الرسم.
هناك وُلد ونشأ وأتم سنوات دراسته الأولى وخلّد مشاهد المدينة في لوحاته قبل أن يغادرها فيما بعد إلى باريس عاصمة الثقافة في الربع الأول من القرن العشرين ومركز الحركة السريالية التي كانت آنذاك المحرك الأساسي للأدب والفن. ثم التقى بجماعة تلك الحركة عندئذ أمثال بيكاسو وبرتون وميرو وماجريت و إيلوار و مان راي وآخرون ممن صنعوا فيما بعد أدب وفن القرن العشرين في أوروبا والعالم.
وحيث عرف دالي كيف يشق طريقه نحو القمة برسومه التي تنفجر جمالاً وقوة تقنية وغرابة ليضحي مع بيكاسو أسطورة في عالم الرسم الحديث.
ويبدو أن الشك حول مصيره ومستقبله لم يساوره فهو يروي في كتابه "حياتي السرية" حكاية أول لقاء له مع بيكاسو في منزل هذا الأخير، وكان قد سبق دالي إلى الشهرة، فقال إنه دخل الدار وسلم على بيكاسو قائلاً له: "لقد جئت ألقي عليك التحية قبل أن أستقر في متحف اللوفر".


[ متحف سلفادور دالي في فيغراس ]

ولا يزال المنزل الذي ولد فيه دالي قائماً إلى اليوم وعلى واجهته لوحة تذكارية تؤرخ ولادة ووفاة الرسام تكريماً له.
في هذه المدينة - مسقط رأسه - وبعد أن أصبح شهيراً وثرياً قرر دالي أن ينشئ متحف خاص به وبأعماله كما أنه صمم في هذا المتحف قبره، حيث يرقد اليوم مع امرأة حياته جالا.
المكان المُختار عبارة عن قصر قديم يقع في القسم القديم من المدينة ، اختاره دالي ليجعل منه مقراً لمتحفه. يتألف القصر من عدة طوابق تطل شرفاتها على حديقة داخلية.
تذكر بطاقة الدعوة الخاصة بافتتاح المتحف ـ المسرح التي صممها الفنان بنفسه- يوم 28 إيلول/ سبتمبر 1974 تاريخاً للافتتاح.
في الحديقة ووسط الأشجار هناك نافورات ماء غريبة الأشكال. واحدة من النافورات عبارة عن سيارة قديمة في وسط الحديقة مكتوب عليها عبارة: "اضغط هنا" فإذا وقع المرء في الفخ الذي نصبه له دالي وضغط على الزر الصغير فسوف يندفع الماء ليغسل وجهه. وهذه واحدة من مداعبات دالي لزوار متحفه.

[ أحد لوحات جالا المتواجدة في المعرض ]

بعد ذلك تصعد إلى الطابق الأول حيث جمع دالي بعض لوحاته الكبيرة. تدخل هناك في عالم حافل بالجمال والغرابة وبكل ما هو غير متوقع. إنه عالم دالي: لوحات تمثل جالا- المرأة التي شاركت دالي حياته- لوحات طبيعة صامتة، ورسوم أخرى.
الإيحاءات الغريبة التي تخلفها رسوم دالي في النفس تجعلك خارج الزمان والمكان. ألم يقل ذات يوم وعلى نحو غامض: [كل لوحاتي لا تشكل سوى جزء بسيط من وجودي الكوني]!.
تتابع الزيارة في الأرجاء وترى المنحوتات والأشياء واللوحات السريالية التي صنعها دالي وهي لا تقل غرابة وجمالاً عن لوحاته ، ويكاد يخيل إليك أنها كائنات حية تنظر إليك وتخاطبك.
إنك هناك في مملكة دالي الغامضة والمافوق واقعية. ألم يكتب له لوركا ذات يوم قائلاً في واحدة من قصائده: [ما أقوله فيك هو ما يقوله شخصك ولوحاتك] ؟ وألم يذكر فرويد أنه لم يأخذ على محمل الجد اعتبار السرياليين له كأب لحركتهم حتى التقى بذلك الشاب الأسباني دالي والذي بتقنيته الفنية العالية في الرسم جعل فرويد يعيد النظر في أحكامه. [رسالة فرويد تعود لسنة 1938].‏


أنت هناك في منزل دالي و في عالمه الخاص. وهو مكان صنعه وصممه وأشرف على تنفيذه قطعة قطعة.
يحب دالي أن يفاجئ الجمهور برسومه كما في متحفه. ولكنها مفاجآت عالية المستوى فيها موهبة رفيعة وجمالية خارقة.
في الطابق الثاني من المتحف رتّب دالي أشياءه الخاصة. لفت انتباهي
على الأرض صندوق نحاسي لمسح الأحذية - ذهبي اللون- يعود إلى العهد العثماني ، أضاف إليه دالي بعض اللمسات الفنية فحوله إلى قطعة فنية مسكونة بالغرابة.
في الواجهات الزجاجية تستطيع أن ترى الطبعات الأصلية والأولى من كتب دالي "حياتي السرية" والكتب الأخرى. ثم الكتب الشعرية التي صمم دالي أغلفتها بنفسه وزينها برسوماته ، بالإضافة إلى لك تجد رسائله إلى أصدقائه ورسائل أصدقائه إليه ثم عشرات الصور الشخصية التي تعود لسنوات 1920 ـ 1930 وفيها يبدو دالي مع أصدقائه من شعراء وكتّاب ورسامين صنعوا أدب وفن القرن العشرين ، أسماء هي اليوم شهيرة وطوى الموت أصحابها: لوركا. بول ايلوار. والمخرج الشهير بينويل وآخرون.


هكذا ففي وسع المرء أن يُشاهد القطع الأساسية التي صممها دالي لتكون ديكور فيلم كلب أندلسي الذي أخرجه بينويل والذي ورغم مرور سنوات طويلة عليه فإنه لا يزال إلى اليوم تحفة سينمائية نادرة وأول فيلم سريالي في تاريخ السينما.‏
عند نهاية الزيارة وفي القاعة الأرضية وقبل أن تغادر المكان ثمة مفاجأة سريالية أخرى بانتظارك هناك، قبر دالي نفسه كما قام بتصميمه هو قبل موته، قبر رخامي ضخم يرقد فيه اليوم بجانب جالا زوجته.

عندما تخرج أخيراً من عالم دالي إلى عالم الواقع تكتشف أن دالي كان ذكياً جداً فهو استطاع بفن ودراية وخفة أن يدخلك إلى لعبته الكبرى وأقنعك ليس فقط بأن تتفرج عليها بل وأن تلعبها معه أيضاً حتى النهاية وفيما وراء الموت!
ستتذكر عبارة كتبها ذات يوم كوكتو الأديب الكبير قال فيها "أن الرسم يحرّر الهندسة". وسوف تكتشف أن دالي قد حرّر الهندسة برسومه جاعلاً إياها تمضي إلى ما وراء الحرية!


●●●

ˣ● معرض عالم دالي في لندن ˣ

لم تعرف بريطانيا، وبالذات عاصمتها لندن، الحراك الفني ونزعات التجريب، ومتاهة المغامرة الذي عاشته عواصم أوروبية مثل باريس او بروكسيل او برشلونة او برلين في عصورها الذهبية، إلا في حدود ضيقة. فقد أبقت لندن لنفسها، وهي ذات الإرث البراغماتي على الصعيدين الفكري والفني، مضافاً اليه نزعة المحافظة المبالغ بها، مسافة تمنع إغراء التمرد. ولعل الإغراء - وهنا تكمن المفارقة- وصل إلى هذه الجزيرة عبر نفق قطار سريع يربطها بباريس و بروكسيل، قبل أن تفتح فضاءها العام إلى رياح الفوائد الثقافية والفنية والسياحية القادمة من القارة الأوروبية.

وضمن معادلات حسابية دقيقة للسوق لعب فيها الربح والخسارة لعبته الماكرة، وقع الاختيار على سلفادور دالي ليفتتح له معرض دائم على ضفة نهر التيمز الجنوبية، وبالقرب من دولاب «عين لندن» الدوار، كجزء من الاحتفالية بالألفية الثالثة. وليكون بذلك دالي هو أول فنان أوروبي تخصه العاصمة بكرمها، وعلى أديم بناية «مجلس بلدية لندن الكبرى»، ذي الميول اليسارية الذي ناصبته رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر العداء قبل أن تتمكن من حله.

اسم المعرض عالم دالي، ويشمل أكثر من 500 عمل فني تتراوح بين المنحوتات والتخطيطات النادرة والمجوهرات والحلي الذهبية والمنقوشات والأعمال المنفذة بالأصباغ المائية. وقُسم المعرض بطريقة لا تخلو من مفارقات عالم الفنان ونوادر شطحاته وأقواله المأثورة، بدءاً من قسمه الموسوم «الأنوثة والحسية» الذي يفتح على «الدين والميثولوجيا» وانتهاء بـ«الأحلام والخيلاء».
ومن بين تلك الأعمال يجد الزائر سلسلة الرسومات والتخطيطات التي نفذها الفنان بأسلوبية لا تخلو من دقة في رصد التفاصيل الصغيرة وبلغت 124 قطعة ضمها الى كتابه الحياة السرية لسلفادوردالي الصادر في العام 1942. وإلى جانب أعماله الزيتية التي صممها لشريط البريطاني الفريد هيتشكوك المسحور في العام 1945. فيما تحتل أريكة الشفة ذات اللون الأحمر القاني، ومنحوتته الأشهر استعادة لتشكيل النصف الأعلى لجسم امرأة، الجزء الأكبر من القسم الأول.


[ أريكة الشفاه الخاصة بسلفادور ]

وبينما يستعير من «الكوميديا الألهية» تخطيطاته البالغة 100 عمل في قسمه الثاني. في حين يدخلنا القسم الأخير الى عالم اللاوعي الذي استنفذه الفنان ووظفه في مقاومة الذاكرة و تمظهر الزمن وأليس في بلاد العجائب و الحياة كحلم . معرض عالم دالي جولة سياحة فنية ممتعة في فضاءات اللاوعي وعلى أرض مدينة نساءة لوجوه زارتها.


لا تضاهي أعمال السريالي الإسباني سلفادور دالي، سوى تلك التي نفذت على يد البلجيكي رينيه ماغريت ومدرسة الباوهاوس الألمانية، في تلقف فنون الإعلان والتسليع لها. فما أطلقته صنائع هؤلاء الفنية وجدت جواز مرورها، بفعل الإنتاج وإعادة الإنتاج، الى الأسواق ودور الأزياء والمكاتب والمنازل والسينما والمسرح وتصميم الكتب... والقائمة طويلة. ولكونها توفر مادة خيال لا تنضب، وقرينة عصر حداثة المدينة الأوروبية النهمة، فقد زاوجت تلك الأعمال الفريدة من نوعها بين عالمي الفن والحياة.

وحده دالي (1904-1989) كان الاستثناء.. قامة فارعة.. شوارب معقوفة.. هوس جنوني بحب المال.. حامل عصا المشاكسة خلف قناع الأستاذ.. هو صاحب السيرة المترعة التي تقاطعت مع مدارس فنية كبيرة شغلت النصف الأول من القرن العشرين بصخبها، لتكرسة أحد أفضل من وظف خيالاته وهلوساته في أعمال فنية صادمة. تلك التي بدأها رساماً للمناظر الطبيعية وانتقل إلى الانطباعية وأقترب من المستقبلية الإيطالية لفترة قصيرة، قبل أن يحط رحاله في خيمة السوريالية. وكان من ثمار هذه الفترة صداقات وخصومات مع أعلام القرن الفائت الكبار، وأحياناً مع معارفه أو أعدائه، مثل الشاعر لوركا والسينمائي لويس بونويل والفرنسي أندريه بروتون ومونيه وبول أيلوار وماكس أرنست ومان راي وميرو وبيكاسو وآرب.... وهو أحد الموقعين على «البيان الأصفر» في العام 1928، الذي عد ثورياً آنذاك لما احتواه من خروج على تقاليد المدارس الفنية الصارمة.


●●●

ˣ● متحف سلفادور في باريس ˣ

حيثما يوجد دالي فلا مكان للضجر . إن الداخل الى متحف سلفادور دالي في حي مونمارتر في باريس، مفقود وهارب الى دفء الفن والذوق المختلف، والخارج منه مولود ولادة مغايرة كالعائد من رحلة جمالية ضرورية للروح ومنشط للحواس.
هنا، على مبعدة خطوات من ساحة الرسامين، اقيمت «فسحة دالي» لتحتضن أكبر مجموعة من نوعها في فرنسا لأعمال هذا الفنان الاسباني الذي كان، مع مواطنه بيكاسو، أحد أبرز الذين استحقوا لقب «فنان القرن العشرين». ولا يملك زائر المكان سوى الانبهار وهو يشاهد أكثر من 300 قطعة من اللوحات والأعمال النحتية ومصابيح الانارة والأثاث والمجسمات المختلفة الأحجام من البرونز والخزف وحتى الورق، ممهورة كلها بتوقيع دالي ورابضة تحت سقف واحد. أي حياة من العمل الدؤوب امتدت لكي تجعل من مئات التحف تتفتح على أنامل هذا الفنان الاستثنائي في كل شيء... من الموهبة الحداثية الى الشاربين الشهيرين المعقوفين.

وعدا عن تلك اللوحات والمنحوتات المعروفة التي عكست مفهوماً سوريالياً للوقت ونظرة سابرة للأشياء وللطبيعة وللسحنات وللأجساد، يفاجأ الزائر وهو يلاحظ اتساع مجال الموهبة بحيث أنها شملت الأزياء والكراسي والأراك وأعمدة الانارة والصحون والمزهريات وكل ما يمكن أن تقع عليه عين المرء في الحياة. لقد كانت عين الفنان ترتاح للوقوع على كل ما هو جميل لذلك ترك الحرية لموهبته في أن تبتدع الجمال حتى في الأشكال التي لا مفر من قبحها.

في وسط الحجرات المزروعة جدرانها باللوحات، تتناثر خيول وأفيلة وقواقه ضخمة وأجساد أو أنصاف قامات من البرونز القاتم اللماع وأريكة على شكل شفتين حمراوين منفرجتين، منفوختين بالحشوة القطنية لا بالكولاجين. وهناك مثال لفرس ينطح مسلة، وآخر نصفي لامرأة تشبه الملكة السومرية شبعاد، التي كان رأسها موجوداً في المتحف العراقي قبل العبث به، سوى أنه ملكة دالي غير متوجة بالذهب بل بصينية يتوازن فوقها شخصان متقابلان.

في زاوية من هذه الفسحة البهيجة يقوم معرض للفساتين التي صممها كبار خياطي هذا العصر في تحية للرسام الاسباني الذي لم يكن رفيقاً لكبار الشعراء والادباء والفلاسفة والتشكيليين الفرنسيين فحسب، بل شارك في تصميم الثياب لحساب صديقته المصممة إلزا سكياباريللي وبتأثير من صديقة أُخرى هي الآنسة كوكو شانيل، صاحبة الدار التي ما زالت تحتل مكاناً ثابتاً لا يتزعزع في مشهد الموضة الباريسية والعالمية. وكان الاثنان قد التقيا في عام 1938 وتأثر الرسام بالمصممة التي كان منزلها الباريسي في شارع «غامبون» عنواناً ثقافياً بامتياز، وهي التي شجعت لديه نزعة العناية الفائقة بالمظهر الى درجة المبالغة والاستفزاز، بحيث تم انتخابه «الرجل الأكثر أناقة في فرنسا» في تلك الأيام.
شارك سلفادور دالي في تصميم الثياب لحساب صديقته المصممة إلزا سكياباريللي
المعروضة تصميماتها في متحف دالي في باريس.

لقد طلب القائمون على هذه الفسحة من المصممين أن ينفذ كل واحد منهم فستاناً مستوحى من دالي. وكانت النتيجة مجموعة مثيرة من الأزياء التي طافت العالم، في معرض فريد، قبل أن تستقر في باريس وتصبح جزءاً من موجودات هذه الفسحة.

ومن يسترجع حياة دالي يتأكد أن ولادته الحقيقية تمت في باريس حين جاءها لأول مرة عام 1926، ثم عاد اليها ثانية، بعد سنتين، رفقة المخرج بونويل لتصوير فيلم «كلب أندلسي» الذي تشاركا في كتابة السيناريو له. وفي تلك الزيارة الثانية التقى دالي بالرسام بيكاسو وبجماعة السورياليين من أمثال لوي أراغون وتريستان تزارا وأُندريه بروتون وبول إيلوار. ومع هذا الأخير كانت لدالي حكاية شخصية، فقد دعا الشاعر الفرنسي وزوجته غالا الرسام الكاتالوني للحلول في ضيافتهما. وكانت النتيجة أن تعلق قلبه بالزوجة القوية الشخصية وسلبها لنفسه لكي يعيشا سوية أكثر من نصف قرن من الزمان كانت غالا، خلالها، الرفيقة والملهمة والموجهة ومديرة الأعمال التي تتحكم في منهاج يومه وتمتلك حق وضع التواقيع على لوحاته. وحين توفيت في ثمانينات القرن الماضي عاش دالي من بعد غالا أشبه باليتيم العجوز، حتى لحق بها.

●●●

ˣ● سلفادور دالي والسينما ˣ

لاشك في أن سلفادور دالي هو أحد عباقرة السرياليين الذين تركوا تاثيرات كبيرة على الفن السابع، مثلما أفاد في أعماله الفنية من الأفلام الصامتة التي أعرب عن ولعه بها، وقد أقام متحف تيت للفنون المعاصرة بلندن معرضا عن العلاقة التي جمعت دالي بفن السينما .

قبل أن يحقق دالي شهرة عريضة كحامل للواء السرياليين، انصب اهتمامه في أيام شبابه على الفن السابع إذ كان يقضي أوقاته في دار السينما المجاورة لمنزله في مدينة فيغرس بمقاطعة كاتولوني.
يمكن إثبات التأثير الكبير الذي تركته بعض الأفلام السينمائية الكوميدية الصامتة لكل من شارلي شابلن وباستر كيتفن وهاري لنكتون على روائع إنتاجه الفني ، فقد دفعه الإعجاب بالسينما الكوميدية الصامتة ونظرته الثاقبة لأهميتها للعمل مع كبار مخرجي القرن العشرين .
بعد مغادرته لمدينته حقق دالي شهرة واسعة كواحد من عباقرة الفن في القرن السابق مؤكدا على أهمية التواصل الابداعي مع الفن :"أفضل فيلم هو ذاك الذي يمكنك متابعته بعينين مغلقتين".
ينتمي دالي إلى جيل من المبدعين الكبار الذين اعتبروا العمل السينمائي منجزاً مكتملاً ومساهماً في المخيلة الإبداعية في آن واحد .
أطرى دالي على الإبداع الخلاق للسينما الكوميدية ولم يتوان عن دعم أعمال سينمائية في هذا المضمار واعتبرالأفلام الكوميدية فناً حقيقياً منسجماً مع الثقافة الشعبية و هو الأقرب إلى ثقافة الحياة من فنون ارتكزت على التزييف والخداع.
لم تأخذ العلاقة التي جمعت دالي بالشاشة الفضية حقها في الدراسات النقدية والبحوث ، ومن هنا يمكن أن تتضح أهمية المعرض المذكور سابقا إذ أنه يعيد إلى الذاكرة مواقف وعلاقة دالي بالسينما وتصريحاته الجادة تارة والهزلية تارة أخرى عن أفضلية الشاشة السينمائية مقارنة مع اللوحة الفنية.
ويسلط المعرض الضوء على العمل المشترك والمقاربات الفنية التي جمعت دالي بمخرجين كبار أمثال لوئيس بونوئل والفرد هيتشكوك ووالت ديزني. وقد ضم المعرض أكثر من مائة لوحة لدالي تم جمعها من متاحف مختلفة من جميع أرجاء العالم وهي لوحات تدل على تأثر دالي بالسينما.
كذلك يتم عرض فيلم الكلب الأندلسي وفيلم L Age d Or وكلاهما ثمرة عمل مشترك مع المخرج بونوئل في عام 1930 ، يتم عرض فيلم"المأخوذ" والذي أنتجه بالتعاون مع الفرد هتشكوك.

[ صورة تجمع دزني مع دالي خلال انتاج فلم ( المصير ) ]


ومن الأفلام التي ساهم دالي في اخراجها كذلك فيلم "دستينو" للرسوم المتحركة والذي بقي غير مكتمل إلى إن تم اخراجه عام 2003 من قبل شركة ديزني وكان أحد الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار.

أهمية هذا المعرض تكمن في أنه يبين التاثيرات التي رفد بها دالي مخرجين عالميين كبار. فإذا استطاع هتشكوك أن يغوص في أعماق العالم اللاشعوري لشخصيات تعاني من الرعب والأمراض النفسية، فإن دالي قد استطاع أن ينقل هذه الهواجس إلى سطح اللوحة وقد أعانته الحالة النفسية التي عرفها و التي كثيرا ما أوشكت به للجنون.

يرأى البعض أن فيلم "المأخوذ" إنما هو نسخة سينمائية للوحة دالي المعروفة بالماليخوليا.
توحي أعمال كثيرة لدالي بالعلاقة التي جمعت الإنسان بالآلة وتقنيتها في بدايات القرن العشرين، وحسب المشرف على المعرض ميتوغيل ، فقد كان دالي شديد الاعجاب بمنجز غيتون وشارلي شابلن:"لقد كان معجبا بغيتون بسبب قدرته على اخفاء مشاعره وهواجسه".
في فيلم "اتجه نحو الغرب" نرى غيتون وقد تم تصويب فوهة المسدس نحو رأسه وثمة من يأمره بالإبتسام ،واستجابة لهذا الأمر يفرج غيتون شفتيه بأصابع يده ناقلا للمشاهد صورة رجل مبتسم، وقد أثنى دالي على مقدرة غيتون في نقل التعبير الصريح والجاد عن الذات.
اتخذت علاقة دالي بالسينما بعداً جديداً آخر هو الانبهار بوجوه نجوم هوليوود ، وقد استوحى منها عدد من أعماله . لم تتلخص علاقة دالي بنجوم هوليوود بالجانب النوستاليجي لأيام فترة المراهقة والشباب وانما لغياب العنصر الشفاهي في الأفلام الصامتة والحضور المهيمن للغة البصرية.

من الأفلام التي تشير إلى العلاقة بين لوحات دالي والسينما تأثراً وتأثيراً نشير إلى فيلم المأخوذ، وهو ثمرة عمل مشترك مع المخرج الكبير الفرد هيتشكوك ومحوره التحليل النفسي، إذ يتطرق الفيلم بشكل غير مباشر إلى بعض نظريات فرويد كالشعور بالندم والكبت وعذاب الضمير. رُشح الفيلم لأكثر من جائزة أوسكار.
من المخرجين المعروفين الذين عمل معهم دالي لوئيس بونوئل وكان زميلا لدالي في الأكاديمية الملكية للآداب والعلوم الإنسانية في مدريد. وقد عمل دالي مع بونوئل في فيلمين هما "LA AGE DEO” و"الكلب الاندلسي".
أما في فيلم "البنطال الطويل"، فإن هاري كان مضطرا للاستجابة لذوق والديه في اختيار الملابس ، ولم يكن موضوع الفيلم محل اهتمام دالي بقدر ما أعجبته حركة الكاميرا وبراعتها في اختيار زوايا النظر، ففي أحد المشاهد يتم التصوير من منظور الطيور، وهو مشهد مقارب للعديد من أعمال دالي حيث المسافات الشاسعة والأفق المفتوح.

●●●

ˣ● دالي والمخرج لويس بونويل ˣ

يرى البعض أن لحظة التقاء لويس بونويل مع سلفادور دالي وأندريه بريتون ليخلقوا التيار الشهير والذي عرف فيما بعد بالتيار السريالي كانت أهم لحظة من لحظات ذلك الزمن. قد لانستطيع أن نأخذ هذه المقولة على علاتها ـ على الأقل سينمائيا ـ لأن التيار السينمائي السريالي انحسر مبكرا وهو لم ينجب سوى سينمائي واحد هو لويس بونويل، الذي حقق فيلمين أحدهما كان سرياليا أصيلا (كلب أندلسي) والثاني شبه سريالي وربما كان سرياليا شكلا وليس مضمونا ليؤكد انتصار الشكل السينمائي الذي جاء معبرا عن الحياة والواقع والإنسان لأن فيلم (العصر الذهبي) جاء سرياليا شكليا ولكن في مضمونه جاء محملا بأفكار ثورية أصيلة ..


ويقول لويس بونويلبأنه دعا صديقه اللدود سلفادور دالي الذي أخرج معه أول فيلم سيريالي باسم "الكلب الأندلسي" وقدم له بونويل شقته ليقيم فيها، وتحمل نفقات إقامته ونفقات طعامه وشرابه، وبعد يومين من الزيارة يقول بونويل : ذهبت إلى عملي في المتحف كعادتي في الصباح، وهناك لاحظت أن السكرتيرات يتهامسن ويخبئن ضحكاتهن، فاستدعيت إحداهن وسألتها عما يضحكهن فقالت: [سيد بونويل ألم تقرأ ما قاله عنك السيد دالي في نيويورك تايمز؟] وهنا قفزت على مكتبي متلهفاً لأعرف المكيدة التي فعلها دالي، وفوجئت بأنه يكيل لي أقذع الأوصاف، ويتهمني بأنني أكثر الناس جهلاً بالفن، ويتساءل كيف يمكن لشخص مثلي أن يكون مديراً لمتحف نيويورك للفن الحديث، عند ذلك طار صوابي، فعدت إلى شقتي، وحملت مسدسي واتصلت به ليلتقيني في جادة قريبة من المتحف، وكان بي من الغضب بحيث نويت أن أطلق عليه الرصاص بمجرد رؤيتي له، لكن ما إن شاهدته حتى ابتسم لي وفتح يديه من بعيد ليحتضنني، فأثارتني هذه الحركة وهذه البرودة وتركت قبضة المسدس، وجلست في المكان الذي أنا فيه مشيحاً بوجهي عنه وأنا أرتجف من الغضب، حينها قال لي: [لماذا أنت غاضب؟] فحملقت فيه بدهشة، وكأنه لم يفعل شيئاً وكدت أنهض وأمسك برقبته غير أنه بادرني بالقول: اسمع يا صديقي أنت رجل مشهور في نيويورك، وأنا رجل مجهول لا يعرفني أحد، فإذا لم أشتمك في أول مقابلة لي، فمن سيلتفت إلي أو من سيحاول التعرف علي؟ حين ذاك، وقفت على قدمي، ثم تأملته بنظرة عاتبة، وانطلقنا معاً بضحكة مجلجلة، حينها أمسكنا بعضناً يداً بيد واتجهنا إلى المتحف.


●●●

ˣ● فلم كلب أندلسي ˣ

[مشهد من الفلم ( الموس يفقأ عين الفتاة )]
المخرج :لويس بانول
سيناريو : سلفادور دالي و لويس بانول .
تاريخ الإصدار: 6 يونيو 1929 ( فرنسا )
نوع الفيلم :خيالي, قصير .
كتب بونويل السيناريو بمشاركة سلفادور دالي، ويبلغ الفلم طوله 17 دقيقة هو مزيج حلمي كل المشاهد والافكار لا يمكنها ان تثير تفسيرا عقلانيا من أي نوع: شفرة موسى تفقأ عين فتاة. والمعنى ربما "فقئ" كل ما هو تقليدي وسائد، رجل ينزع فمه من وجهه، بيانو تزينه جثث حمير، نمل يزحف على يد رجل، واحد في الشارع يحمل مكنسة. تنتهي إلى يد آدمية يدفع بها الفضلات.

الطريف أنّ أحد النقّاد كتب حينها: "احذروا هذا الكلب، فهو يعض!" وكما هو معروف، الفيلم يخلو من أيّ كلب ولا أندلس هناك بالمرّة. والملفت أن بونويل لم يستخدم هنا الأساليب التقليدية كتعديل بؤرة الكاميرا أو استخدام عدسة ما لتشويه الصورة كي تعطي الانطباع بالحلم. لكن أسلوبه انصب على إحداث صدمة مصدرها غرابة الصور ومن ثم هزّ السلام الداخلي لعقل المشاهد.

وهكذا هي السريالية، تعمل على إحداث صدمة ما بأسلوب يقترب من "الفضيحة". عندما تكشف مستوراً، فساداً أو إستغلالاَ لتدمّره. إنها "ثورة" على عالم العقل والمنطق عن طريق منهجة الإرباك والتشوش. هكذا هي الحال عندما يكون لدينا مشهد مكثّف كمشهد رعب مفرط، يصعب على المنطق أن يستوعبه أو أن يرفضه، فيترك الإنسان مستوى الوعي الطبيعي منتقلاَ إلى وعيه الباطني. ومن هنا هذا الإحساس المزدوج الذي ينتاب المشاهد لدى رؤيته للافلام السريالية منذ بونويلوحتّى دايفيد لينش: التيه والتشتت من جهة والقرف والإشمئزاز من جهة أخرى. حلم وخيال مرة، وهلوسة مضطربة مرة أخرى.

●●●

ˣ● فيلم العصر الذهبي ˣ

[ملصق لفلم العصر الذهبي]

المخرج: لويس بانول
سيناريو : لويس بانول وسلفادور دالي
تاريخ الإصدار: نوفمبر 1979 ( الولايات الأمريكية المتحدة )
نوع الفيلم : دراما / رومانسي / كوميدي / خيالي .

إنه العام 1930 والفيلم هو "العصر الذهبي"، ثاني أفلام المخرج الأسباني لويس بونويل بالتعاون مع سلفادور دالي .
تركض فتاة إلى غرفة نومها، يتعقبها رجل. عندما تشد على يديه يظهر ثقب في كفّه، يحوم حوله النمل. وعندما تستدير الفتاة ترى على السرير رجلاَ آخر يرقد وعلى صدره صندوق كتب تتحوّل الى مسدسات ، وتتحول بقع الدم إلى فراشات. الرجل الذي جرح في الغرفة نراه في اللحظة التالية في حديقة، ترقد في وسطها امرأة عارية. وعندما تفتح فتاتنا باب البناء المجاور تلقي نفسها على بلاج صحراويّ.

يبدأ هذا الفيلم بالعقارب ثم ينتقل إلى كهنة يحتفلون بقدّاس ليتحوّلوا إلى هياكل عظمية تضع تيجاناَ ويقطع احتفالهم عشيقان لا يأبهان بالزمان والمكان. بطل الفيلم مجهول الاسم يندفع وراء غريزته غير عابئ بأية مؤسسة أو سلطة أو حتى جموع الناس الجائعة. حضارة معادية ومؤسسات مهترئة، يقابلها سلوك "مجهولنا" الشنيع. إنه كبطل دوستويفسكي في روايته "مذكرات من تحت الأرض" حين يسأل نفسه: " هل ينقذ العالم من الهاوية أم يبقى ليشرب الشاي؟" فيختار شرب الشاي. البطل هنا ينشغل بالقبلات مفضلاَ للعالم أن يسقط ويهوى. يتعرّض أبطال الفيلم لتحوّلات مذهلة. ليس باستطاعة أحد تخمين اللقطة التالية. كل شىء قابل للانفجار. كل حدث يلغي توقعاتنا، ننتظر تطوراَ منطقياَ فنصطدم بإنتهاك لكل سبب أو منطق. هذيان مطبق. ولكن وراء هذه الإباحة يكمن إنهيار كل تابو. إنه انعتاق بونويل للحريّة.

●●●

ˣ● مؤالفاته الأدبية ˣ



ˣ● الحياة السرية لسلفادور دالي / الاعترافات السرية ˣ

حياتي السرية ، أو الاعترافات السرية لسلفادور دالي ، هي سيرة ذاتية أولية منقولة عن سلفادور دالي .
أملاها سلفادور بنفسه على مدى عشرين عاما على صديقه الصحفي أندريه باريتود . نُشرت لاحقا كسيرة ذاتية للفنان .

في الحياة السرية يذكر دالي: [ عشتُ موتي قبل حياتي. ففي سن السابعة, توفى أخي بالالتهاب السحائي, قبل سنوات ثلاث من ولادتي, هزت الصدمة أمي في أعماقها. نضجُ أخي المبكر, عبقريته, عطفه, ورقته كانت كلها بالنسبة لها إشراقات هائلة, مما جعل اختفاءه صدمة مفجعة لم تكن أبدا لتتخطاها. لم يسكن يأس والدي فقط إلا عند ولادتي, لكن سوء الحظ لم يزل يخترق كل خلية في جسديهما. وداخل رحم أمي, كنت بالفعل أحس ذعرهما, كنت جنينا يسبح في غشاء مشيمي لعين. كان توقهما لا يتركني أبدا. وكثيرا ما أراحتني حياة ووفاة هذا الأخ الأكبر, فقد كانت خيوطه تتصل بكل مكان حولي حين بدأت أعي: الملابس, الصور, الألعاب, وبقي دائما في ذاكرتي والديَّ من خلال استدعاءات مؤثرة لا تمحى ] .

يذكر سلفادور في كتابه أن هذا اللعب مع الموت ، أو لنقل الحياة مع الموت ، كانت المؤثر الأول في حياة سلفادور دالي ، إذ جعل منه هذا الأمر عاشقًا للحياة بشهوانية وغريزة خالصتين, يحاول أن يكتشف أسرار الكون من خلال اكتشاف أسرار حياته هو.
حتى في سيرته الذاتية ، تحمل فصول الكتاب عناوين موحية برغبته في الانقضاض على مفردات الكون والحياة بكل ما كان يمتلك من قوى: كيف تحيا مع الموت? كيف يتخلص المرء من أبيه? كيف تصعد بالنزوة إلى أقصى مدى لها? كيف يكتشف المرء عبقريته? كيف تستثير كل ما هو إيروتيكي لديك وتبقى عفيفا? كيف تغزو باريس? كيف تعشق جالا? كيف تصبح سريالياً? كيف تتجنب العيش قطالونياً? كيف تصاب بالهلوسة النقدية? كيف تثرى? كيف تغزو أمريكا? كيف تسيطر على الرجال وتستعبد النساء وتذهل الأطفال? كيف تكون سوبر إنسان? كيف تقرأ لوحات دالي? كيف تحكم على بيكاسو وميرو وماكس إرنست وحفنة آخرين? كيف يفكر دالي في الخلود?

في سطور حياتي السرية أيام دالي الذي أراد دالي أن نراها .
هل يتذكر أحدنا لحظة ميلاده? يزعم دالي في كتابه أنه يحتفظ في ذاكرته باللحظة هذه: [ ولدت كأي فرد في فزع, وألم, وخدر! فإذا حركت قبضتي فجأة بعيدا وفتحت عيني على اتساعهما في الضوء الباهر, أشعر مرة أخرى بشيء ما من تلك الهزة الممتلئة, والاختناق والصدمة والعمى, والصراخ, والدم, والخوف, والتي تسجل كلها دخولي لهذا العالم] .
بل إنه يتذكر حياته داخل الرحم, وما بعد نزوله بأيام: [ حياتي داخل الرحم التي انتهت في اليوم الحادي عشر من مايو من العام 1904, بعد الثامنة بخمس وأربعين دقيقة, حيث ولدت من بطن شرعية حملتها دونيا فيليبا دوم روسينيك, كانت أمي في الثلاثين. وتقول شهادة الميلاد إن والدي هو دون سلفادور دالي إي كوزي, قد أعطي يومين بعد ذلك التاريخ كي يسجل شجرتي العائلية لكل من الأبوين. من ناحية الأب كان دون جالو دالي, وهو من أهل فيجوراس, ودونيا تريزا كوزي ماركوس من أهل ووسوس. أما من جهة الأم فكانا دون انسيلمو دومينيك سيرا ودونيا ماريا فيريس سادورني, وهما من برشلونة, أما الشهود فكانا دون خوسيه ميركادير من أهل لابيسبال, وهي إحدى مقاطعات فيرونا, وكان تاجر دباغة يقيم بهذه المدينة, والثاني دون إميليوبيج من أهل فيجوراس ومهنته الموسيقى, ويقيم أيضا بالمدينة نفسها, وكانا من نفس السن] !

وهكذا بين الحياة والموت "أو الموت والموت" تتأرجح ذكريات سلفادور دالي الأولى, مثلما تتراوح فيما بعد أعماله. يتذكر لحظة يدَّعي فيها الموت صديقه الشاعر جارسيا لوركا, الذي التقى به في الجامعة, ولم يفارقه أبدًا: [ مازلت أستطيع تذكر وجهه, ميتا وفزعا, وراقدا على سريره, محاولا المرور بمراحل تحلله البطيء, العفونة من وجهة نظره, تستمر أياما خمسة. ثم يصف التابوت, وكفنه, والمشهد الكامل لغلقه, وتقدم النعش في شوارع غرناطة الوعرة, وحين يتأكد أننا جميعا قد تملكنا الفزع, ينهض فجأة منفجرا بضحكة برية تظهر كل أسنانه البيضاء الرائعة, ويرسلنا خارج الباب عدوا بينما يعود لسريره, لينام هادئا في حرية] .

●●●
ˣ● كتاب يوميات عبقريˣ


في عام 1964، أصدر سلفادور دالي كتاباً بعنوان "يوميات عبقري" لدى دار النشر "الطاولة المستديرة" في باريس، وهو مأخوذ من دفتر يوميات يغطّي المرحلة الممتدة من عام 1953 إلى عام 1963 من حياته. ويُشكّل الكتاب تكملة لسيرته الذاتية التي صدرت بعنوان "حياة سلفادور دالي السرّية".
ونظراً الى أهمية الكتاب وشهرة صاحبه، نفدت نسخه في العام ذاته من دون أن تقوم دار النشر المذكورة بإعادة طبعه. وهذا مما دفع دار غاليمار الباريسية إلى شراء حقوق نشره وإلى إصداره من جديد مرفقاً بفيلم كلب أندلسي 1929 الرائع الذي شارك دالي مع المخرج السينمائي الكبير لويس بونويل في اخراجه .

نتعرف في هذا الكتاب الذي يقع في نحو 300 صفحة على أفكار دالي وشواغله كفنانٍ وظروف لقاءاته مع أبرز شخصيات عصره ومواقفه الجمالية والأخلاقية والفلسفية والبيولوجية، الأمر الذي يمكّننا من فهم شخصيته المثيرة والمعقّدة ومن التعمّق في منهج عمله الفني الذي أطلق عليه اسم «الذهان التأويلي النقدي» ، وبالتالي يمكننا من تحديد طبيعة عبقريته التي سعى طوال حياته إلى إبرازها وإلى الترويج لها.
من أبرز الموضوعات التي يتناولها في هذا الكتاب: إلحاده في بداية مساره النابع من قراءته للكتب التي كانت موجودة في مكتبة أبيه، سرّياليته التي لم تكن تعرف أي إكراهٍ جمالي أو أخلاقي، نزعة التفوّق لديه التي استمدّها من كتب نيتشه، حبّه المفرط لزوجته جالا، تفضيله التقليد على الحداثة والنظام الملكي على الديموقراطية ، والصوفية على المادية الجدلية، احترامه الكبير لأندريه بروتون ونشاطه الفكري وقيمه بالرغم من موقف هذا الأخير السلبي منه بعد عام 1934، كذلك نتعرف على احتقاره أرباب الوجودية ونجاحاتهم المسرحية والمرحلية، ولعه بالرسام رافاييل، «الجانب الفينيقي» من دمه على حد قوله و الذي جعله يحب الفيلسوف أوغست كونت الذي وضع المصرفيين في المرتبة الأولى من المجتمع .

يتحدث عن نفسه فيقول: "أنا السريالي الوحيد والأخير". وحينما بدأ كتابة يومياته فكّر في أن يسميها "حياتي السرية" لتكون تابعةً لكتابه السابق "الحياة السرية لسلفادور دالي" لكنه استقر في النهاية على اسم "يوميات عبقري"، فالنقطة الأساسية التي يطرحها في هذه اليوميات كما يقول في المقدمة: "منذ الثورة الفرنسية تنامى اتجاه مرضي سقيم باعتبار العبقري إنسانًا يتشابه مع الإنسان العادي في كل النواحي ما عدا عمله، وهذا رأي زائف بالنسبة لي".
فهو يعتبر العبقري عبقريًا ليس فقط في مجال نبوغه بل في شتى تصرفات حياته، نومه وهضمه، ابتهاجه ونشوته، أظافره ودمه، حياته وموته، العبقري بالنسبة له إنسان غير اعتيادي ، كل تصرفاته سماوية، فعبقريته كرسام ليست لأنه بلغ درجة الكمال في لوحاته، وإنما لأنه هو نفسه شخص عبقري يمكنه النبوغ في أي مجال، لذلك يقول في نهاية مقدمته: "أطلب منكم أن تكتموا أنفاسكم وأن تستفيدوا بكل ما تستطيعون في هذه اللحظة من الجوهرة التي هي "سلفادور دالي" فكل كلمة في هذه اليوميات عمل من أعمال العبقرية لسبب وحيد أنها كلمات صادقة ومخلصة لخادمكم المخلص المطيع" . وهي - ككل أقوال "دالي" الأخرى- كلمات شديدة الغرور والاعتداد بالنفس، وكلنا نشعر في أعماقنا بنفس الشعور بالعبقرية وأننا مركز الكون، لكننا لا نجرؤ على التصريح بذلك، أما "دالي" فقد وصل إلى درجة من النجاح والتمكن من فنه، جعلته يشعر أن ادعاء التواضع ترف لم يعد يليق به، لذلك فهو يخبرنا في صراحة شديدة أنه عبقري لا مثيل له!.

وهذه اليوميات غير منتظمة، فقد يستمر "دالي" في كتابتها لعدة أيام متتالية في الشهر الواحد، ويتوقف عدة شهور ثم يعود لكتابتها أو يكتفي في بعض الأحيان بكتابة يوميات يوم واحد من السنة، أو يتوقف عن الكتابة في السنة كلها.

كتبت هذه اليوميات بطريقة ساخرة لاذعة صادقة وصريحة، وبلهجة واثقة تمامًا تعرف ما تريد، سنتعرف فيها على مفردات عالم دالي الخاصة، وأسلوب معيشته وتصرفاته شديدة الغرابة. في بداية هذه اليوميات يتحدث "دالي" عن خلافاته مع الجماعة السريالية وبالتحديد مع "أندريه بريتون"، مؤسس الحركة السريالية، الذي لم يغفر لـ"دالي" قوله عن نفسه أنه السريالي الوحيد والأخير.
ويبدأ "دالي" بالحديث عن نشأته التي أدت إلى انضمامه إلى السرياليين، تمرده، وغرابته، وإلحاده الذي كان يقلد فيه والده، وكيف أنه طُرد من البيت؛ لأن والده لم يستطع أن يسامحه؛ لأنه تفوق عليه في كل ما يفعله، خصوصًا حينما يتحدث عن الله.
ونقطة التحول في حياة "دالي" الشاب جاءت حينما تعرف على كتابات "نيتشه"، فبعد انتهائه من قراءة كتاب (هكذا تحدث زرادشت) عمد إلى إطالة شاربه ليكون مثل شارب "نيتشه"، وظل محتفظًا بهذا الشارب إلى نهاية حياته. وكان "نيتشه" دون أن يدري هو العامل الذي أعاد "دالي" إلى الإيمان بالله، فقد كان "دالي" يؤمن بأن الله غير موجود، ثم فوجئ بـ"نيتشه" يؤكد بأنه قد مات، أي أنه كان موجودًا، وهكذا ولدت شكوك "دالي" الأولى التي انتهت به بعد سنين للعودة إلى الإيمان.

وخلال فترة صعود الحزب النازي إلى الحكم في ألمانيا، ثم اندلاع الحرب العالمية الثانية، رسم دالي العديد من اللوحات التي تظهر "هتلر" في أوضاع عجيبة- بعضها أنثوي- ويقال أن "هتلر" أعجب ببعض هذه اللوحات، وهذا أدى إلى صدام الجماعة السريالية مع "دالي"؛ لأنهم لم يستطعيوا تفهم إعجابه بـ"هتلر" الذي جرّ على العالم الويلات، بينما كان "دالي" يؤكد للجميع أنه ليس إعجابًا بقدر ما هو حالة فنية سيطرت عليه. وبعد سقوط باريس في أيدي الألمان، قام النازيون بتدمير الكثير من اللوحات التي رسمها "دالي" في تلك الفترة.

وسنتعرف في يوميات "دالي" على حبه اللامحدود لزوجته جالا التي يعتبرها المحرك الأساسي له، والتي لولاها لما ظهرت عبقريته ولما استمرت. عنها يقول في المقدمة: "هذا كتاب فريد، هو أول كتاب يكتبه عبقري، كان حظه الفريد أن يتزوج من "جالا" المرأة الأسطورية الفريدة في عصرنا". وحينما بدأ يرسم لوحته الشهيرة (صعود العذراء) التي يمثل فيها السيدة العذراء وهي ترتفع إلى السماء، اختار وجه "جالا" ليكون وجه العذراء.

وعادات "دالي" شديدة الغرابة ، فبالنسبة للنوم يقول: "الناس عادة تتناول الحبوب المنومة حين يستعصي عليها النوم، لكني أفعل العكس تمامًا، ففي الفترات التي يكون فيها نومي في أقصى درجات انتظامه وروعته، فإني بتصميم أقرر أن أتناول حبة منوم، وبصدق وبدون ذرة استعارة، فإني أنام كلوح الخشب، وأستيقظ مستعيدًا شبابي ثانية"!. ومن مكان لآخر يعطينا "دالي" تقريرًا شبه يومي عن عمليته الإخراجية وكيف أنها تتم بسلاسة ونظافة، ويتكلم بحيرة عن عدم فهمه لإهمال المفكرين والفلاسفة لهذه العملية رغم أهميتها للإنسان!..


وعشق "دالي" للذباب لا يوجد ما يبرره، فقد قال ذات مرة لإحدى السيدات: يعجبني الذباب، ولا أكون سعيدًا إلا حين أكون عاريًا في الشمس والذباب يغطيني.
فتساءلت المرأة بدهشة: كيف تحب أن يغطيك الذباب؟ تلك قذارة!..
فرد عليها "دالي": أنا أكره الذباب القذر، أحب فقط أنظف أنواع الذباب!..
وانطلق يلقي على مسامعها محاضرة عن: "الذباب النظيف الذي يبدو كمن يرتدي حلة رمادية من بنسلفانيا، ويلمع كقوس قزح في جو صحو، بعيون بلون الخراتيت، وبطون بلون أصفر نبيل، مثل ذباب الزيتون الصغير، جنيات البحر المتوسط، ملهمات فلاسفة اليونان الذين قضوا حياتهم في الشمس يغطيهم الذباب"!..


وفي موقف آخر يفاجأ بالصحفيين يحيطون به ويتذكر أنه كان قد وعد بتقديم تصميم جديد لزجاجة عطر، وأعد مؤتمرًا صحفيًا لذلك، وبعد أن تسلم الشيك من صانع العطور، وحينما سأله الصحفيون عن التصميم الجديد، فوجئ بأنه نسي كل شيء عنه، فاتّبع أول ما ورد على ذهنه لينجو من هذا الموقف، تناول لمبة فلاش محترقة من أحد الصحفيين، ورفعها قائلاً: إن هذا هو تصميمه الجديد، وأطلق عليه اسم "فلاش"، وهتف الصحفيون وهللوا ومعهم صانع العطور!..


وأفكار أفلامه السريالية لا تقل غرابة، ففيلم (عربة اليد الآدمية) يدور حول امرأة تقع في حب جنوني مع عربة يد!. واليوميات تتميز كذلك بصراحتها الصادمة والجارحة في أغلب الأحيان، بل إن "دالي" يقرر أن هناك بعض الأيام قام بحجب تفاصيلها عن النشر متعمدًا، "فالمجتمعات الديموقراطية غير مهيأة بعد لنشر مثل هذا البوح العاصف الذي اعتدت عليه".

ولمن يدرك أنهم سيعتقدون فيه الجنون، يقول "سلفادور دالي" عن نفسه وطباعه وغرابة أطواره: "الفرق الوحيد بيني وبين المجنون أنني لست مجنوناً"!..

باختصار، تشكّل هذه اليوميات صرحاً شيّده الفنان لمجده الخاص ومن دون أي تواضعٍ منه، ولكن بصراحةٍ كبيرة تلطّف غروره اللامحدود. ففيها، يكشف دالي عن أسراره من دون إي حياءٍ وبطرافةٍ فريدةٍ وجنون جامحٍ. ولهذا، لدى قراءتها، لا نعود نعرف هل علينا أن نثمِّن هذه الصراحة الجريئة داخل انعدام تواضعه أم العكس. وبروايته حياته اليومية، استبق الفنان كتّاب سيرته وسحب البساط من تحت أرجلهم. ولكن، أليس هو الشخص الأجدر للتكلم عن نفسه؟ لا أحد تجرأ خلال حياة دالي وبعد وفاته على التشكيك بحقّه في ذلك، خصوصاً أنه تحدّث عن ذاته في شكلٍ مسهب وفي تفاصيل غزيرة وذكاء كبير، ولكن أيضاً بغنائيته الجذابة والمعهودة.

يظن معظمنا أنه يعرف هذا المبدع لأنه اختار طوعاً أن يكون فناناً شعبياً وشهيراً. وفي هذا السياق، تهافت الصحافيون على كل ما كان يصرّح لهم به. ولكن في النهاية، ما يفاجئنا في هذا الكتاب هو صواب أفكاره وملاحظاته حول الأمور الكثيرة التي كانت تثير انتباهه وفضوله. أما أكثر ما يثيرنا ويجذبنا في شخصيته التي تتجلى أبعادها الكثيرة خلال الكتاب فهي جذوره و «مجسّاته»: جذورٌ تغوص عميقاً تحت الأرض بحثاً عن كل ما استطاع الإنسان إنتاجه طوال حقبة من الرسم والنحت والهندسة، ومجسّاتٌ موجّهة نحو المستقبل لتنشّقه والتنبّؤ به وفهمه بسرعةٍ خاطفة. ولن نقول كم كان دالي يتمتّع بفضولٍ علمي لا يُروى. فجميع الاكتشافات تظهر في شكلٍ أو في آخر في أعماله وكتاباته. بل يبدو الفنان متقدّماً على العلوم التي «تنبّأ» في شكلٍ غير عقلاني بطريقة تطوّرها العقلانية. وغالباً ما سبقته ابتكاراته الخاصة وانتظمت من دون أن يعي ذلك أو يسعى إليه. وبعد أن عبر في بداياته مرحلة ريبة وشك من الآخرين بإمكاناته وإنجازاته، بلغت أعماله شهرةً قل نظيرها، ولم تعد أفكاره التي أطلقها في شكلٍ فوضوي وبلا أي ترتيب في حاجة اليه كي تأخذ شكلاً وتحيا.

لكن يوميات عبقري هي قبل أي شيء عمل ذو قيمة أدبية كبيرة. فدالي يتمتع بموهبة خارقة في التصوير بواسطة الكلمات أيضاً وبفن الحكم على الأشياء والأفكار بسرعةٍ وقوةٍ نادرتين، كما أن كتابته تتميز بذلك الألق والتجديد اللذين نعثر عليهما في لوحاته. وهذا ما يحوّل الكتاب إلى وثيقةٍ في غاية الأهمية حول فنانٍ ثوري أصيل وحول ذهنٍ خصب يعجّ بالإشراقات والابتكارات. ومن المؤكّد أن هواة الأدب والفن ذوي الأحاسيس القوية والعلماء النفسيين الذين لم يقرأوه بعد سيولعون بصفحاته، التي تعكس نبوغ ذلك العملاق الذي قال يوماً:[ الفرق الوحيد بيني وبين المجنون هو أني لستُ مجنوناً].


●●●
ˣ● مركبة فضاء الفقراءˣ

في كتابه الذي ينشر للمرة الأولى والذي يحمل عنوان (مركبة فضاء الفقراء) ويظهر دالي بأنه لا يزال مهووسا. يتذكر ميشيل ديون لقاءه الأول مع سلفادور دالي

كان ذلك خلال شتاء عام 1951 في نيويورك وذلك أمام الصحفيين في بهو فندق سان ريجيس. يقول ديون : [ كان لدي انطباع مؤلم عن دالي الذي بدا لي وكأنه يقوم بأداء دور مسرحي عن شخصية دالي لكن كان ينتابني شعور أيضا بأنه حين يدفعه الصحفيون إلى شططه وتجاوزاته كان يغدو ضعيفا]
وعندما أصبحنا أصدقاء فيما بعد تيقنت من شعوري بأنه سريع العطب.. ويستحضر ميشيل ديون فترة تلك الصداقة في كتابه "حقائب من أجل فانكوفر" وقد كرس الكاتب نفسه ليكون معبرا إلى العبقرية المعذبة في "مرفأ ليغات" وهو الذي قام حقيقة بتحويل نصين لدالي إلى عرض مسرحي هما "المخدعون بالفن القديم الحديث" و"مذكرات عبقري ". ولماذا هذا التحويل أو التكيف معه ? لأن دالي يكتب بالفرنسية كما يتكلمها وكان يخط أفكاره على دفاتر مدرسية أو على أوراق مبعثرة, فهذا الاقتباس هو إعادة ترتيب في الفكر المتدفق ويعني أيضا الاطمئنان إلى كتابته بشكل إملائي صحيح لأن المؤلف الذي هو من أصل كتلاني لم يكن يعر اهتماما للإملاء.‏

في أحد الأيام سلم دالي إلى ميشيل ديون نصا جديدا عنوانه "مركبة فضاء الفقراء" وكان لعنوان هذا النص دلالة خاصة إذ إنه في نهاية الخمسينات عندما استطاع السوفييت إطلاق مركبة سبوتينغ ووضعها في مدار حول الأرض, دالي لم يفته الحدث إذ كان يتابع أخبار الساعة جيدا, وبما أن هذا النص أثار إعجاب جان كلود فاسكيل عرض هذا الأخير على ميشيل ديون أن يقوم بنفسه بعملية الاقتباس هذه إلا أن الناشر أضاع المخطوطة المنسوخة التي سلمها له ديون. وأعاد فاسكيل طلبه مرة أخرى من أجل أن ينجز عمله لكن ديون رفض وبقيت لديه ليمضي عليها أكثر من خمسين عاما. وكان مصير الصفحات الثلاثين التي تتألف منها رواية "مركبة الفضاء " هذه أن انتهى بها المطاف على طاولة أحد الناشرين وهي أليس ديون ابنة ميشيل نفسه وهي المديرة المسؤولة عن دور نشر "الطاولة المستديرة " , وتم نشر المخطوطة طبق الأصل حسب النص الأصلي وكانت مكتوبة على دفتر مدرسي حمل عنوان : تريفولي "الجنون المثلث " وترافقت بنصها المقتبس المنجز بواسطة جان جاندارم وقد استخدمت ملاحظات هوامش دالي والتي ساهمت بشكل كبير في كتابة "مذكرات عبقري" كما كان هناك وثائق مؤلفة من ملاحظات قارىء وعقود وصور أكملت هذا العمل.‏

ماذا يحمل هذا العمل?‏

القصة ببضع كلمات تتحدث عن امرأة خادمة مصابة بمرض الوسواس القهري للنظافة, وقد تحملت مسؤولية رجل مقعد عمره أربعون عاما , وبعد أن استخدمته للتسول قررت أن ترمي به بين جدران منزلها لتقوم بعدها بحراسته وإطعامه العنب المجفف ثم تتخلى عن وسواس النظافة وبأعصاب باردة تستلسم للقذارة يقول دالي: [ هذه المرة حتى القارىء الغبي سيفهم قصدي ألا وهو : اغسل ما لايمكن غسله واصقل ما لا يمكن صقله].‏

إنه هزل محزن وهزل مبهج في آن واحد, فهذه الرواية " مركبة فضاء الفقراء تنتمي إلى القريحة الانفعالية الهذيانية لدى دالي الذي لم يضع حدا نهائيا لسنواته مع رفاقه السرياليين.‏

ويمكن وضع هذه الرواية ضمن ما سمي ملاحظات تحضيرية لما بعد " الحياة السرية لسلفادور دالي", كما يصح أن نصف هذا الكتاب بالقول : إن هناك الكثير من التثبت بأمر لا يستحق ذلك. وهذا يشبه ما قاله أراغون عن دالي : [ بأن لديه الكثير من الوصولية لقليل من الوصول. وهذا شيء بشع, ذلك هو دالي ].‏

●●●

ˣ● جولة مع أشهر لوحاتهˣ
كانت لدالي في لوحاته، نظرته الخاصة للعالم بل كان له عالمه الافتراضي، وواقعه الذي يشكل انعكاساً لمخيلته بفوضاها. وكانت أعماله تطلق المخيلة وتعبر عن ذكاء حاد
+|| (1931) The Persistence of Memory ||+
+|| إلحاح الذاكرة (1931) ||+

تعد واحدة من أشهر لوحات سلفادور دالي. وتعرف اللوحة أيضا باسم الساعات اللينة، الساعات المتساقطة، والساعات الذائبة.
يمتلك اللوحة متحف الفن الحديث MoMA في نيويورك منذ عام 1943. وقد عرضت في متحف سلفادور دالي في سانت بيترسبورج بفلوريدا منذ الأول من فبراير 2008 حتي الأول من يونيه 2008. ثم عادت اللوحة مرة أخرى إلى متحف الفن الحديث في يونيه 2008 كجزء من معرض دالي في عرض منذ 29 يونيه 2008 حتى 15 سبتمبر 2008.
رفض سلفادور دالي مراراً وتكراراً أن يفسر مشهدها. كل ما في الأمر أنه أحال الذين سألوه عن معاناها إلى نظرياته المعلنة سابقاً حول مفهومي الصلابة والليونة، كما قال للذين ألحّوا عليه في السؤال أنه من المفيد لهم إن أحبوا أن يكوّنوا حقاً فكرة عن بعض ما أراد أن يعنيه بتلك اللوحة، أن يعودوا إلى بعض أحداث طفولته الخاصة ، ثم ينظروا إلى أحوال العالم والمخا

طر التي تتهدده بعد ذلك، انطلاقاً من هناك وصل بعض الباحثين والنقاد إلى جملة استنتاجات، لعل أطرفها ذلك المتعلق بواحدة من ذكريات طفولة دالي حين أخذته أمه إلى فحص عادي لدى طبيب، فطلب منه هذا أن يفتح فمه ويريه لسانه ، في البداية لم يسمع دالي جيداً ما قاله الطبيب، وبما أن العبارة في الأسبانية قريبة من عبارة ساعات ممتزجة، ظن أن الطبيب يعني هذا، وعلقت تلك الصورة في ذهنه طوال حياته حتى رسم لوحات كثيرة وضع فيها ساعات جيب وساعات حائط ممتزجة أو متجاورة مع بعضها بعضاً، مطبقاً عليها مفهومه اللاحق حول الليونة.

يقول بعض الباحثون أيضا بأن الفكرة الأصلية لهذه اللوحة قد أتت لدالي في يوم صيفي حار. كان في منزله يعاني من الصداع بينما جالا - زوجته - تتسوق ، بعد وجبته لاحظ نصف قطعة من جبن الكاميمبرت وكيف تذوب بسبب حرارة الشمس ، في تلك الليلة وبينما كان يبحث في روحه عن شيء ليرسمه، شاهد حلما لساعات تذوب في الفراغ ، عاد بعد ذلك إلى عمله الذي لم ينته بعد حيث كان رسم المرتفعات والشجرة ، وخلال ساعتين أو ثلاثة كان قد أضاف الساعات الذائبة وأصبحت اللوحة كمان نعرفها الآن.
من ناحية ثانية، فإن الباحثين رأوا أن اللوحة تنبئ بقدوم عصر القنبلة الذرية التي ستأتي يوماً لتنسف الكون والزمن وتحيل الأرض يباباً .

●●●



++ || تفكك إلحاح الذاكرة || ++

بعد ذلك بنحو ربع قرن، وبعد أن تحققت – جزئياً طبعاً – نبوءة القنبلة الذرية، عاد سلفادور دالي عام 1954 لينجز لوحة جديدة له عنوانها تفكك إلحاح الذاكرة .
ولهذه اللوحة مقاييس اللوحة السابقة ذاتها تقريباً (العرض نفسه – 33 سم -، مع ارتفاع يزيد قليلاً عن الأولى – 25.4 سم مقابل 24 سم للقديمة). ولها - وهذا أهم طبعاً – عناصرها الأساسية نفسها: الجبل، الشجرة العارية، الساعات الرخوة. ولكن هذه المرة كان يبدو واضحاً أن الخراب كان قد مر حقاً بالمشهد. وهو خراب جذري ويزيد عنفاً عن مناخ الخراب الذي كانت اللوحة الأولى قد عبرت عنه.
فإذا كانت لوحة 1931، قد صورت الخراب على صورة خواء تنتشر فيه الساعات الثلاث، على خلفية ألوان توحي بانفجار ما، بعيد، جمّد الزمن وفرّغ الأشياء من معانيها، فلم تعد الساعة ساعة ولا الشجرة شجرة ولا حتى الأرض أرضاً، فإن الخراب في اللوحة الجديدة غمر المشهد بالماء، محركاً عناصره من أماكنها، خالقاً عناصر جديدة لم يكن لها وجود أولاًَ، بل مشتغلاً بخاصة على محو ما كان يبدو في اللوحة الأولى، وكأنه بورتريه ذاتي خفي للفنان وضعه كاللغز وسط اللوحة من خلال حوافي المخلوق الذي يشبه وحيد القرن والذي تلتف حوله ساعة من الساعات.
جعل سلفادور دالي اللوحة الثانية تبدو تعزيزاً لفكرة اللوحة الأولى، وكذلك تحقيقاً للنبوءة. ولعل في امكاننا أن نقول انطلاقاً من هذا أنه فيما كان دالي يحاول أن يعبر في اللوحة الأولى عن مرحلة انتقال البشرية إلى عصر العلم من دون أن يبدو عليه أنه في صدد إصدار حكم قاطع على ذلك الانتقال.
نراه في اللوحة الثانية يعبّر عما قد يعني أن عصر العلم قد حل، تحقيقاً للنبوءة لم يأت على الانسانية بالخير المرجو.
بكلمات أكثر وضوحاً ننقل هنا عن دارسي أعمال دالي ولوحاته ما كفئوا يقولونه منذ عرضت اللوحة الجديدة للمرة الأولى من أن الصورة «التي أراد سلفادور دالي التعبير عنها هنا، إنما هي صورة رمزية تنم عن تصور دالي للتأثيرات التي ستكون للقنبلة الذرية في البشرية جمعاء». وفي هذا السياق نفسه قد يمكن الاتفاق مع أولئك الدارسين الذين إذ تحدثوا عن اللوحة الأولى رأوا فيها ما يشبه تعبير دالي عن النظرية النسبية التي صاغها اينشتاين وشغلت الناس حقاً و بخاصة خلال أواسط ثلاثينات القرن العشرين ، وكان دالي بالطبع من الناس الذين شغلتهم تلك النسبية بحيث أن في أمكاننا أن نرى لوحات عدة له تعبر عن ذلك الانشغال وتنم عنه ، وهذا التعبير يتجلى بخاصة من خلال طغيان واضح في صورة الساعات، للجاذبية وقد تبدلت وظائفيتها على الزمن حاصرة إياه من طريق تجميد العقارب.
انطلاقاً من هنا، يمكن النظر إلى اللوحة الثانية باعتبارها الإجابة عن الأسئلة التي كانت مطروحة حول العلم والجاذبية والزمن في اللوحة الأولى. إذ هنا لم تعد الأرضية جرداء خاوية مسطحة، بل صارت ليس فقط مغمورة بالمياه، التي – في حالات أخرى – قد ترمز إلى الحياة والخلاص، بل كذلك بقطع متجاورة من المكعبات الحجرية التي تنم عن مدينة أحادية الانتظام باتت الآن تغوص تحت المياه ، وهي المياه نفسها التي تسبح فيها – إلى الأبد ربما – معظم العناصر الأخرى في اللوحة وقد أضاف إليها دالي مخلوقاً بحرياً يبدو من طلته وكأنه في طريقه إلى التهام الزمن وبقية العناصر. ولئن بقي غصن الشجرة العاري، فوق سطح الماء، وظلت ساعة رخوة أخرى معلقة عليه، فإن ثمة ما يوحي بأن هذا التحرر من الماء هنا لن يعني رجوع الحياة ولا تواصل الزمن أيضاً ، إذ حتى العقارب التي كانت جامدة في وضوحها في اللوحة السابقة، صارت الآن مجرد شكل هلامي لا حيوية ولا حياة فيه. من هنا إذا كان دالي في اللوحة الأولى قد أوقف الزمن فإنه هنا ألغاه تماماً.
باختصار، ما لدينا هنا، إذاً، إنما هو نبوءة خراب حقيقية، بدلاً من أن يبتدع سلفادور دالي للتعبير عنها هنا لوحة جديدة، آثر أن يعود إلى لوحته القديمة ليحدث فيها من التجديدات والفوارق ما يؤكد الارتباط بين ما كان يتحدث عنه قبل مجيء القنبلة الذرية التي كانت وظلت شغله الشاغل وبين ما يرى أن الوضع قد صار عليه وقد ألقيت القنبلة بالفعل وباتت منذ ذلك الحين تهديداً دائماً يحاصر البشرية.
والطريف بالأمر و الذي لا يمكن أن ننهى هذا الكلام من دون الإشارة إليه، هو أن المكان الذي يحدث فيه هذا كله، ليس اليابان، حيث ألقيت أول قنبلتين ذريتين ولا أميركا أو روسيا أو حتى وسط أوروبا حيث الحرب الباردة تحتدم، بل إنه يقع في المنطقة التي كان سلفادور دالي يعيش فيها خلال تلك الحقبة من حياته: خليج كويليرو، وتحديداً بالقرب من منزل دالي المعزول في «بورت ييغات». وكان من الواضح هنا – من اختيار دالي للمكان – أنه إنما يريد أن يقول أن صخب القنبلة الذرية وخرابها، يهددان بالوصول حتى إلى أكثر مناطق العالم عزلة وهدوءاً.
بالرغم من أن سلفادور دالي (1904 – 1989) عُرف دائماً كرسام فوضوي بوهيمي ، يرتبط اسمه بأنانية وجشع من جانب الذين عرفوه، ورأوا فوارق كبيرة بين تعبيره الفني وأخلاقه - منهم أندريه بريتون الذي صوّر اسم سلفادور دالي، مركباً حروفه في شكل صار ئييعني معه «جشع إلى الدولارات»- فإن ثمة لحظات كثيرة في حياته وأعمالاً كثيرة أخرى له تنم حقاً عن أن الفنان كان في داخله أكثر تمسكاً بالقيم الإنسانية وأكثر اهتماماً بمصير البشرية فوق كوكب الارض.
ومن هنا يمكن القول دائماً أن سلفادور دالي الذي بدا مدللاً من جانب السرياليين وخصوصاً حين شارك صديقه السينما لويس بونيال في تحقيق فيلمين سرياليين أولين ؛ ظل طوال حياته لغزاً حقيقياً، بحيث يصعب حقاً اختصاره في دراسة أو مقال أو كتاب أو أكثر.
مع فنانين من أمثال دالي، تكون الطريقة المثلى لفهمهم هي مشاهدة أعمالهم في تطورها وتناقضاتها ومن ثم الحكم عليه من خلالها، لا الحكم على الأعمال من خلالهم.

●●●


++ || لوحة المُهرِّج Arlequin || ++

رسم سلفادور دالي لوحة المُهرِّج Arlequin التي رسم فيها الفنان الأسباني نفسه على القماش، عام 1926، أي في فترته الفنية الأولى، وذكر مسؤولو مسرح ومتحف دالي بأن مالك اللوحة الذي طلب عدم ذكر اسمه، قد تبرّع بعرض اللوحة للجمهور حتى الصيف المقبل. واللوحة مرسومة على ظهر لوحة اخرى كان قد رسمها دالي عام 1923 وفيها تظهر أشجار زيتون.
يقول انتوني بيتسون مدير مسرح ومتحف دالي: "أن الفنان الأسباني رسم اللوحة في وقت كانت رغبة الرسم عنده تفوق امتلاكه قماش اللوحات، فكان يستغل ظهر اللوحة كي يرسم عليها لوحة أخرى"وأضاف : "إن متحف ومسرح دالي يحتفظ بمثل هذه اللوحات المزدوجة (في الوجه والظهر) ولهذا وضعت إدارة المتحف مرآة كي يتمكن الزائر من مشاهدة اللوحتين معا".
ويختلف النقاد والدارسون حول الأفكار والمعاني التي تحملها هذه اللوحة حيث استعمل فيها دالي ألوانا حادة وأظهر فيها للمشاهد عينا واحدة فقط ، هذه الظاهرة تتكرر في أعمال دالي عندما يرسم نفسه.
ويرى البعض أن ظلال صديقه الشاعر فدريكو غارثيا لوركا تظهر في اللوحة، ذلك أنه رسمها في فترة صداقته المتينة مع لوركا، ولكن الناقد انتوني بيتسون يرى أن تأثير الفنان بابلو بيكاسو واضح فيها، وذلك أن دالي زار في نيسان (ابريل) عام 1926 باريس- وكان آنذاك شابا صغيرا- فذهب إلى مرسم بيكاسو وهناك قدم نفسه لبيكاسو وقال له: «دون بابلو لقد جئت لزيارتك قبل أن أزور متحف اللوفر»، فردّ عليه بيكاسو «حسناً فعلت، أيها الشاب» ثم قدم دالي له لوحته فتاة فيغيريس التي رسمها عام 1925، فبقي بيكاسو يتأملها خمس عشرة دقيقة، وبعدها اقتاد دالي كي يطلعه على كل أعماله في مرسمه في جولة استمرت ساعتين.

●●●


++ || Christ of Saint John of the Cross || ++
++ || مسيح القديس يوحنا المصلوب || ++

مسيح القديس يوحنا المصلوب هي إحدى لوحات سلفادور دالي التي رسمها في عام 1951.
تصور اللوحة المسيح مصلوبا في سماء مظلمة وأسفله المياه وزورق وبعض الصيادين. علي الرغم من كون اللوحة تصويراً للصلب فقد خلت من المسامير والدماء وتيجان الشوك ؛ لأنه وفقا لدالي فهو مقتنع بحلم يقول أن هذه السمات سوف تفسد تصويره للمسيح. وأيضا رأى في أحد أحلامه أهمية تصوير المسيح في الزاوية العلوية الموضحة باللوحة.

سميت اللوحة بمسيح القديس يوحنا المصلوب بسبب اعتمادها علي رسم للصليب من رسوم القرن السادس عشر للقديس الأسباني يوحنا. وكون المسيح كذلك يعتمد على شكلي المثلث والدائرة (المثلث شكله يدا المسيح، والدائرة تتشكل من رأس المسيح).
المثلث - حيث أن له ثلاثة جوانب- يمكن النظر إليه باعتباره اشارة إلى الثالوث، والدائرة قد تكون إشارة إلى فكر أفلاطون.
في نهاية دراسته لهذه اللوحة وضح دالي الإلهام الخاص بها قائلا :"أولا، في عام 1950 حلمت بـ"حلم كوني" حيث رأيت هذه الصورة ملونة والتي تمثل في حلمي نواة الذرة، النواة فيما بعد أخذت طابعا ميتافيزيكي واعتبرتها "وحدة بناء العالم" والتي أصبحت المسيح".

اشتري معرض كلفينجروف الفني في جلاسكو اللوحة مقابل 8,200 جنيه استرليني، وبأسعار تلك الأيام يعد هذا سعرا مرتفعا .
تمزق قماش اللوحة بيد أحد زوار المتحف في عام 1961. وقد تم أصلاحه بنجاح.
في عام 1993 نُقلت اللوحة إلى متحف مدينة مونجو للحياة الدينية والفنون ، ثم اعيدت مرة أخرى إلى معرض كلفينجروف في اعادة افتتاحه في يوليو عام 2006.
فازت اللوحة في استطلاع للرأي في اسكتلندا لأكثر اللوحات تفضيلا عام 2006، بنسبة 29% من الأصوات.

●●●


++ || Crucifixion || ++
++ || الصلب || ++

الصلب أو مجموعة المكعبات هي لوحة رسمت في 1954 بوساطة سلفادور دالي، وتصور المسيح مصلوبا علي شبكة من المكعبات.
جالا -زوجته - هي الشخصية في أسفل اليسار، والتي تقف وتنظر إلى المسيح المصلوب بالأعلي. والمشهد بالخلفية هو لخليج بورت ليجات.

توجد اللوحة حاليا في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، الولايات المتحدة الامريكية.

●●●

++ || Landscape Near Figueras || ++
++ || منظر طبيعي قرب فيجراس || ++


"منظر طبيعي قرب فيجراس" والتي رسمت عام 1910 هي لوحة للرسام الأسباني سلفادورر دالي. وتعتبر هذه اللوحة أول أعمال دالي، والتي رسمها عندما كان في السادسة من عمره.

بداية حياة دالي العملية كانت متاثرة بالحركة الانطباعية. تعتبر هذه اللوحة واحدة من أوضح الأمثلة عن الفترة الانطباعية لدالي.
في خلال العشر سنوات التالية كان يستخدم الألوان والإضاءة بشكل أكبر حتى فترة العشرينيات، وبعدها بدأ الرسم التكعيبي والسريالي.

تم رسم اللوحة بالألوان الزيتية علي بطاقة بريدية مقاسها 14 × 9 سم. وهي الآن جزء من المجموعة الخاصة لـ"البرت فيلد" في استوريا، كوينز، نيويورك.

●●●



++ || Cabaret Scene || ++
++ || مشهد الملهى || ++

مشهد الملهى عبارة عن لوحة رسمت في عام 1922، وهي إحدى لوحات الرسام سلفادور دالي. ويعد هذا العمل تجربة فريدة في الرسم التكعيبي في بدايات العمل الانطباعي لدالي والسيريالية الكلاسيكية التي سيطورها لاحقا.

●●●


++|| نــــــــــــوم ||++
++|| Sleep||++

نوم ، هي لوحة للفنان الأسباني سلفادور دالي ، أُنتجت اللوحة في عام 1937 م .
لايستدعي دالي في لوحته كامل الجسد ، بل يستدعي الرأس فقط ويستحضره . الرأس هو لب الإنسان في النوم ، وهو القنطرة التي يعبر من خلالها إلى عالم الأحلام والرؤى .

●●●


++ || The Ghost of Vermeer of Delft Which Can Be Used As a Table || ++
++ || شبح فيريمر من ديلفت والذي يمكن استخدامه كطاولة || ++

تعتبر إحدى لوحات الرسام الأسباني سلفادور دالي وقد رسمها عام 1934. ويشير العنوان إلى الرسام الهولندي يوهانس فيرمير.

في الصورة يمثل فيرمير منحنيا علي ركبته بشكل مظلم طويل ونحيف. وتمتد قدم الشكل كطاولة سطحها لأعلى ، وعليها زجاجة وكأس صغير، ويوجد بالقرب منها حذاء. إحدى ذراعي فيرمير مستندة علي ما يشبه العكاز. وقد كان الأثاث شائعا في لوحات دالي في تلك الفترة.

رسم دالي هذه اللوحة بالألوان الزيتية علي مساحة 24 × 18 سم.
تعرض اللوحة حاليا في متحف سلفادور دالي بسانت بيترسبورج، فلوريدا، كإعارة من مجموعة رينولدس موريس.

●●●


++ || The Meteamorphosis of Narcissus || ++
++ || انمساخ نرجس || ++

انمساخ نارسيسوس (نرجس) (1937) هي لوحة مصنوعة من الزيت والجنفاص قام برسمها السيريالي الأسباني سلفادور دالي.
تُعد هذه اللوحة من حقبة دالي الحرجة.
وفقاً للأسطورة الإغريقية، وقع نارسيسوس في غرامِ انعكاسه على سطح بركةٍ صافية. أخذ يحدق طويلاً بانعكاسه، وعندما أدرك عدم قدرته على معانقة الصورة المائية، وهنت قوته فقامت الآلهة بتحويله إلى وردة.
أكمل دالي هذه اللوحة سنة 1937 لدى عودته -التي طال انتظارها - لباريس بعد أن لاقى نجاحاً عظيماً في الولايات المتحدة.
تُظهِرُ اللوحة نارسيسوس جالساً على حافة بركة من المياه يحدق إلى الأسفل. وهناك شكلٌ صخريٌ متحلل غير بعيد عنه، يتجاوب و إياهُ عن كثب. لكن الاختلاف كبيرٌ جداً ، ففي اللوحة، صورةٌ ليدٍ تحمل بيضةً أو لمبة تنمو منها زهرةُ نرجس. وفي الخلف مجموعة من الأشكال العارية، بينما يلوح شكلٌ شبيه بنارسيسوس في الأفق.
كتبَ دالي قصيدة طويلة مرفقة مع اللوحة .
اللوحة معروضة حاليا في متحف تايت موديرن في لندن.

●●●


++ || The Discovery of America by Christopher Columbus || ++
++ || اكتشاف أميركا على يد كريستوفر كولومبس || ++

كما يوحي العنوان ، تعرضُ اللوحة وصول كريستوفر كولومبس الأول إلى عالمٍ جديد، لكنه يصور الحدث بشكل مجازي عوضاً عن هدف تصويره بدقة تاريخية.

صُوِرَ كولومبس ليس كرجلِ بحرٍ في منتصف عمره، لكن كفتى مراهق في رداءٍ كلاسيكي، الأمر الذي يرمز إلى كون أميركا قارة فتية، تنتظرها أفضل سنينها في المستقبل.
دالي، في فترةٍ من الاهتمام المكثف بالكاثوليكية الرومانية الصوفية، قام برسم بورتريه كولومبس ليرمز لهذه الفترة، بجلب المسيحية والكنيسة الحقة لعالم جديد كإنجاز عظيم ومقدس.
جالا دالي، زوجة الرسام، والتي صُورت غالباً على أنها مريم العذراء، تموضعت لدور العذراء المباركة ( أو وفقاً لبضع المعلقين، القديسة هيلينا) على الراية في يد كولومبس اليمنى.
رسم دالي نفسه في الخلفية على شكل راهبٍ راكع على ركبتيه حاملاً صورة المسيح المصلوب. اعتقد دالي أن كون كولومبس كاثوليكي مُثِلَ في دمج الرايات الكاثوليكية القديمة.
في وسط أسفل اللوحة، وعلى الشاطئ على بعد بضع خطوات أمام كولومبس، غطاء قنفذ البحر البني الوعر، مع حلقة شبيهةٍ بالهالة حوله. رُويت حكاية أن مورس اعترض على وجود شيءٍ مماثل في أرضٍ فنية، واقترح أن دالي قام بالرسم فوقه. أصر دالي على كونه عنصراً مهماً في اللوحة، وأن مورس يحتاج إلى بعض التأمل لفهمه. وافقه مورس على مضض، لكنه لم يفكر حقاً بقنفذ البحر إلا بعد مضي عشر سنوات، عندما كان يشاهد في التلفاز مركبة ابولو11 تحطُ على سطح القمر، وفجأة فهم كل شيء. اتصل فوراً بدالي ليخبره بكل حماس أنه فهم أن القنفذ البحري يمثل نجوماً (اشخاصاً بارزين) آخرين سيكتشفون في أميركا اليافعة مقتدين بكولومبس. رد دالي باقتضاب: "أجل، بالطبع. هل استغرقك الأمر كل هذه المدة لتكتشفه؟ مذهل! علي العودة إلى العمل الآن"، وأغلق السماعة مع مورس.

اللوحة الآن معلقة في متحف سلفادور دالي في ساينت بيترسبورج.

●●●


++ || The Swallow's Tail || ++
++ || ذيل السنونو || ++

كانت لوحة ذيل السنونو آخر لوحةٍ رسمها سلفادور دالي، انتهت في مايو 1983. وهي العمل الأخير، وقد استندت على نظرية رينيه توم الكوارثية.
اقترح توم أن في ظاهرةٍ بأربع أبعاد سبع أسطح متوازنة محتملة ، وبذلك يوجد سبع توقفات محتملة، أو "كوراث أساسية": طيّة، أطراف محددة، ذيل سنونو، فراشة، شيء متسم بالسرية، موجز في السرية، وقطعي مكافئ في السرية.
لوحة ذيل السنونو الخاص بدالي مأخوذ مباشرة من رسم توم البياني بالعنوان ذاته، مدمجٌ مع رسم بياني كوراثي آخر، أقواس الـ S ، الذي أطلق عليه توم لقب "الأطراف المحددة". يعُرِض نموذج توم إلى جانب أقواس التشيلو.

●●●






++ || The sacrament of the last supper || ++
++ || قربان العشاء الاخير || ++

أنهاها سلفادور دالى عام 1955 بعد تسعة أشهر من العمل، تبقى لوحة سلفادور دالى قربان العشاء الأخير واحدة من أكثر أعماله شعبيةً. بدأت شعبيتها فور وصولها عام 1955 بالمعرض الفنى الوطنى بواشنطن العاصمة و استبدلت لوحة رينوار الفتاة ذات إناء الماء كأكثر الأعمال شعبيةً بالمتحف و استمرت اللوحة في إجتذاب الاهتمام.
المزج بين ما يبدو و كأنه لوحة مسيحية و بين التقنيات السيريالية المتضاربة يجذب العين، مثلما استطاع دالى أن يفعل مراراً في أعماله كإغراء القديس أنتونى، مسيح القديس يوحنا المصلوب، الصلب أو صلب جثة، مريم عذراء ساحل الليجيت و المجلس العالمى ، و العديد أيضاً.



●●●






++ || The Madonna of port Lligat || ++
++ || عذراء ميناء ليجات || ++

اسم للوحتين لسلفادور دالى، الأولى انتجت عام 1949 و هى الآن في متحف هاجيرتى للفن بويسكنسون، ميلواكى.
بعثها دالى للأب بيوس الثانى عشر للحصول على موافقته ، و الذى كان مضموناً.
أما اللوحة الثانية فقد رسمت عام 1950 بنفس الاسم و نفس الفكرة الرئيسية و لكن بإختلاف الوضعيات و التفاصيل.
في عام 2004 تم عرض اللوحة الثانية بمتحف فكوكا للفن باليابان.
اللوحتان تصوران عذراء متوسطة العمر جالسة ( تموضعت مكانها زوجة دالى جالا) و المسيح الرضيع على حجرها. و الشكلين لديهما ثقبين مربعين في جذعيهما، تذكيراً بطبيعيتهما الفوق نطاق المعرفة. فهما متوضعان بمنظر طبيعي ذا إطلالة على ميناء ليجات. في خلفية اللوحة شاطئ كاتالونيا، مع العديد من التفاصيل السريالية، متضمنةً ، الأظافر، السمك، القواقع و الخبز.
يوجد بلوحة العذراء لعام 1949 قنفذ بحري، أما لوحة 1950 فبها وحيد قرن و أشكال ملائكية إضافية، أيضاً تموضعت بها جالا.
اختار اتحاد المكتبة الكاثوليكية كتاباً و قصيدة كتبهما فراى انجليكو شافيز مبنيين على عذراء ميناء ليجات كأفضل كتب لعام 1959 .

●●●



++|| اليد و الآلة ||++

اليد والآلة أحد لوحات الفنان الأسباني سلفادور دالي ، رسمها في عام1927 أثناء أداءه للخدمة العسكرية،.
كانت هذه اللوحة موعد تحول مع أفكاره السيريالية والتي نمت سريعا و شعر أن بها خلاصا لروحه و تحريرا لما بداخله من رؤى و أحلام .
نلحظ تأثره بأسلوب الفنان السيريالي جورجو دي كيريكو و قد استخدم دالي أشكال مركبة هرمية و مخروطية للتعبير عن الآلة المنبثق منها كف بشرية .
و في العمق رسم منظر طبيعي ، أما في المقدمة فرسم ما يشبه خشبة المسرح و قد اهتم بمراعاة المنظور والتي عليها تقف عناصر اللوحة من الآلة .
أما عن المرأة فقد رسمها
بأسلوبه التكعيبي إلى اليمين و حول الألة جعل أشكال مختلفة تحوم في سيولة وشفافية مع اتجاه الضوء . و يبدو أنه تأثر هنا بخيالات طفولته و قراءاته الفلسفية، فقد حاول فلسفة معنى الآلة الصماء التي تدور في فلكها أجساد بشرية و عضوية .

●●●



++ || الملاك / صلاة التبشير ||++

أحد لوحات الفنان الأسباني سلفادور دالي ، رسمها في عام 1934 حيث جسد فيها رؤياه السيريالية الخاصة لفنانه المفضل ميليه .

أوقف سلفادور في هذه اللوحة فلاحيّ ميليه الرجل و المرأة الشهيران متقابلان وقت المغيب ، نرى الرجل هزيلا و له رأس جمجمه في مواجهة المرأة ..
يجذب الرجل من رأسه إلى أعلى اللوحة عجلة يديوية بذراع و نلاحظ أن ظل العجلة لم يسقط مع ظل الرجل المنعكس على الحجر خلفه و كأن هذه العجلة ليس لها وجود .
و هذا الخروج للعجلة نراه و قد توازن و في اتجاه مضاد مع العصا التي برزت من ذراع المرأة متجهة إلى اقصى اليمين ..
في لوحة ميليه الأصلية تظهر رقة القرويين أما هنا فنشعر بتوتر و نوع من الكبت المترقب و قد ساعد تأكيد هذا الاحساس المترقب تلك الخشونة في استخدام اللون و الملمس ..

●●●

++|| معرض الصور||++






●●●

The apotheosis of homer


●●●

Idylle atomique et uranique melanconique


●●●

Geopoliticus Child


●●●

Uova sul piatto


●●●

Apparizione di una faccia e di un piatto di frutta


●●●

La Madonna di Port Lligat


●●●

Sans titre


●●●

Muchacha de Espalda


●●●

Piaceri illuminati


●●●

Santiago El Grande


●●●

Senicitas


●●●

Il volto di Mae West


●●●

Femme a tete de roses


●●●

I primi giorni di Primavera


●●●

La nostalgia del cannibale


●●●

Apparition de ma cousin Carolinetta



●●●

Paysage aux papillons


●●●
L'elephant giraffe


●●●

Natura morte vivente


●●●

Poesie d'Amerique


●●●

Le devenir geologique


●●●

Cinquenta ... tigre real


●●●

female figure with head of flowers


●●●

Transparent Simulacrum of the Feigned Image


●●●

Apparition du visage de l'Aphrodite de Cride


●●●

Réminescence archéologique de l'Angélus de Millet


●●●

L'énigme sans fin


●●●

La nascita dei desideri liquidi


●●●

Vestiges ataviques aprés le pluie


●●●

L'enigma del desiderio: Mia Madre


●●●

Millet's Architectonic Angelus


●●●

Person at the Window


●●●

The Rose


●●●

Atavistic Vestiges


●●●

Les Eléphants


●●●

Cygnes réfléchis en Eléphants


●●●

Evaprating female



●●●

The Three Sphinx Of Bikini


●●●

A Bed And Two Night Tables Attack Ferociously And Violently


●●●

Discovery Of America By Christopher Columbus


●●●

Burning Giraffes And Telephones


●●●

Evocation Of Apparition Of Lenin



●●●

Maelstrom


●●●

Musical Tempest


●●●

The Temptation of St. Anthony


●●●

|| مقتبسات لسلفادور دالي ||


  • العظماء لا يموتون..
  • ليس من عاداتي التواضع .
  • لكي ترسم يجب أن تكون مجنوناً.
  • لا تخف من الكمال، فلن تصل إليه أبداً.
  • هناك اختلاف وحيد بينى و بين المجنون .. أنى لست مجنون.
  • لا تناقش غبياً لأن الناس لن تعرف أيكما الغبي.
  • الغيرة من الرسامين الآخرين كانت دائماً ثيرمومتر نجاحي.
  • أنا خالي من العيوب وأرفض الانتماء ، لا إلى اليمين ولا إلى اليسار.
  • هناك سحر ينبع منى حين أري شيئاً وأُسميه باسم شيء آخر .
  • أعتقد أنه قد آن الأوان لأن نجعل من الاضطراب شيئاً منظماً.
  • بي هيلسمان: مالذي يجعلك شهيراً ؟ دالي: نبضي الشعري بالطبع .
  • في السادسة اردت أن أصبح طاهياً , في السابعة أردت أن أكون نابليون . وطموحي استمر بالنمو منذ ذلك الحين .
  • المجتمعات الديموقراطية غير صالحة لنشر مادوى صيته في الكشوفات مثلي كما اعتدت في الأبتكار .
  • لا تتعب نفسك بأن تصبح على آخر صيحه , لسوء الحظ هذا الشيء الوحيد الذي مهما حاولت جاهداً لن تستطيع تحقيقة.
  • بي هيلسمان: ماهي الواقعية ؟ دالي: الواقعية هي أنا.
  • الرسم هو صدق الفن ، ويستحيل الغش فيه , فهو إما جيد وإما سيء .
  • أنا لا أتعاطى المخدرات , أنا المخدرات.
  • هؤلاء الذين لا يقلدون شيئاً لا ينتجون شيئاً .
  • الفرق بين الذكريات الكاذبة والحقيقية هو الفرق نفسه بين أنواع المجوهرات: فالمقلدة هي التي تبدو أكثر روعة وحقيقة دائماً .
  • أول رجل قارن بين خديّ المرأة والورد كان شاعراً وأول رجل ردد ذلك كان أحمقاً .

●●●

مواقع لـ سلفادور دالي

http://daligallery.com/

http://www.salvadordalimuseum.org/

http://www.salvador-dali.org/en_index.html

http://www.virtualdali.com/

●●●



هناك تعليق واحد:

  1. مجهود رائع للتعريف بهذا العبقري .. سلمت يميك وسلم قلمك

    ردحذف